أصدرت دائرة الإفتاء العام الأردنية توضيحاً شرعياً مفصلاً حول حكم الصيام في شهر رجب، وذلك رداً على تساؤلات المواطنين حول مشروعية تخصيص هذا الشهر بالصيام. وأكدت الدائرة في فتواها استحباب الإكثار من الصيام في الأشهر الحرم، والتي يُعد رجب واحداً منها.
رأي جمهور العلماء: الاستحباب
ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الثلاثة (الحنفية، والمالكية، والشافعية) إضافة إلى بعض الحنابلة، إلى القول باستحباب الصيام في شهر رجب، مثله مثل باقي الأشهر الحرم (محرم، ذو القعدة، ذو الحجة).
الأدلة الشرعية التي استند إليها الجمهور:
- حديث شهر شعبان: استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئل عن صومه في شعبان فقال: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ) [رواه النسائي]. ووجه الدلالة هنا أن ذكر “رجب” و”رمضان” يشير إلى أنهما شهرا عبادة وطاعة لا ينبغي للناس الغفلة عنهما.
- العمل بالحديث الضعيف في الفضائل: أشار الفقهاء إلى وجود أحاديث تحث على الصيام في الأشهر الحرم، مثل حديث: (صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ). ورغم ضعف إسناده، إلا أن القاعدة الشرعية -كما بين ابن حجر الهيتمي- تقضي بجواز العمل بالأحاديث الضعيفة في “فضائل الأعمال” بإجماع العلماء، وصوم رجب من فضائل الأعمال، مع التحذير من الأحاديث “الموضوعة” والمكذوبة.
توضيح حول “كراهة” إفراد رجب بالصوم
تطرق البيان إلى المسألة التي تشكل لبساً لدى البعض، وهي ما ورد في المعتمد عند مذهب الحنابلة من “كراهة إفراد شهر رجب بالصيام كاملاً”.
سبب الكراهة عند الحنابلة: خشية أن يظن الناس أن صومه “فرض” واجب مثل رمضان، أو تشبهاً بأهل الجاهلية الذين كانوا يعظمونه. واستندوا في ذلك إلى أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان يضرب أكف الناس ليأكلوا في رجب ويقول: “كُلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ”.
الرد والتوجيه الشرعي: أوضحت الإفتاء أن فعل عمر بن الخطاب يندرج تحت باب “السياسة الشرعية” لمنع الناس من اعتقاد وجوب الصيام.
كيف تزول الكراهة؟: بين الحنابلة أنفسهم أن الكراهة تزول بأحد أمرين:
إفطار يوم واحد من شهر رجب.
أو صيام شهر آخر كاملاً معه.
الخلاصة
خلصت دائرة الإفتاء إلى أنه لا إنكار على من اعتاد صيام النوافل وأكثر منها في شهر رجب رجاء الثواب والأجر، وهذا يتوافق مع المذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة، شريطة عدم اعتقاد فرضيته.
