في السابع من تموز من كل عام، اعتادت مدينة البترا الأثرية أن تحتفل باختيارها ثاني عجائب الدنيا السبع الجديدة، غير أن هذا العام حمل مشهداً مختلفاً كلياً؛ إذ غابت الاحتفالات الرسمية المعتادة، نتيجة الانخفاض الكبير في أعداد الزوار، واستمرار تدهور القطاع السياحي، وتراجع العوائد المالية لسلطة إقليم البترا للسنة الثانية على التوالي، وذلك على خلفية استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، إضافة إلى تصاعد الأزمة الإيرانية-الإسرائيلية والتوترات الإقليمية المتواصلة.
أزمة خانقة تضرب السياحة في البترا
تعيش البترا، أبرز المعالم الأثرية والسياحية في الأردن، أزمة غير مسبوقة في قطاعها السياحي. فقد أُجبرت العديد من المنشآت السياحية على الإغلاق، وسط أمل بحدوث انفراج قريب في الأوضاع الإقليمية، يعيد الزخم السياحي إلى المدينة، وينشط القطاعات الاقتصادية المتصلة بها، والتي تسهم بشكل مباشر في الناتج المحلي وتوفر مئات فرص العمل، إلى جانب استثمارات محلية تُقدَّر بنحو 500 مليون دينار، يملك معظمها أبناء المنطقة.
أرقام رسمية تؤكد التراجع
أظهرت بيانات صادرة عن سلطة إقليم البترا التنموي السياحي تراجعاً حاداً في أعداد الزوار الأجانب. ففي يونيو/حزيران 2024، استقبلت المدينة 16,207 زوار أجانب فقط، مقارنة بـ68,349 في الشهر نفسه من عام 2023، و53,888 زائر أجنبي في 2019.
أما خلال النصف الأول من 2024، فقد بلغ إجمالي عدد الزوار 259,798 من مختلف الجنسيات، من بينهم 175,510 زائر أجنبي. بينما بلغ عدد الزوار في الفترة نفسها من 2023 حوالي 692,595، من ضمنهم 606,000 زائر أجنبي، وفي 2019 بلغ العدد 538,187 زائر من بينهم 474,139 زائر أجنبي.
اعتماد كبير على السياحة
وأكد الدكتور فارس البريزات، رئيس مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا التنموي السياحي، أن المدينة تعيش أزمة حقيقية في القطاعين السياحي والتجاري، نظراً لأن أكثر من 85% من سكان المنطقة يعتمدون على السياحة بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أشار إلى أن إيرادات تذاكر الدخول إلى الموقع الأثري تشكل المصدر الرئيسي لدخل السلطة.
وأضاف: “إن السياحة العربية والأردنية إلى البترا أيضاً أرقامها متدنية ولا تعوض فقدان السياحة الأجنبية في تشغيل المنشآت السياحية ومزودي الخدمات في البترا والقطاع التجاري.”
وكشف البريزات عن مخاطبات أُرسلت للجهات المعنية من أجل اتخاذ خطوات لتخفيف الأعباء عن القطاع السياحي والتجاري، منها إعادة تفعيل برنامج “استدامة 1″، وتقديم الإعفاءات اللازمة، وتوجيه فعاليات الوزارات والمؤسسات إلى المدينة لدعم جهود إنعاش الاقتصاد المحلي.
الفنادق الأكثر تضرراً
صرّح حسين الهلالات، نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية، أن نسب إلغاء الحجوزات في مدينة البترا تراوحت بين 95% و100%، مشيراً إلى أن عدة فنادق أُغلقت واضطرت إلى تسريح موظفيها بسبب استمرار الأزمة والتراجع الحاد في نسب الإشغال، خاصة وأن المدينة تعتمد إلى حد كبير على السياحة الأوروبية والأجنبية.
من ناحيته، أوضح عبدالله الحسنات، رئيس جمعية فنادق البترا التعاونية، أن عدد الفنادق المصنفة المغلقة بلغ 28 فندقاً بإجمالي 1975 غرفة، ما يشكل 56% من مجموع الغرف الفندقية المصنفة في الإقليم. أما الفنادق الشعبية غير المصنفة، فبلغ عدد الغرف المغلقة فيها 200 غرفة موزعة على 10 فنادق، أي 100% من هذا النوع من الغرف.
بالتالي، فإن نسبة الغرف الفندقية المغلقة، سواء المصنفة أو غير المصنفة، تصل إلى 59% من إجمالي 3700 غرفة فندقية موجودة في إقليم البترا.