الأحد, نوفمبر 23, 2025
الرئيسيةاقتصاد وأعمالالسياحة العلاجية في الأردن.. مشروع وطني يحتاج إلى تكامل حكومي ومهني

السياحة العلاجية في الأردن.. مشروع وطني يحتاج إلى تكامل حكومي ومهني

يُعدّ ملف السياحة العلاجية أحد أبرز الملفات الاستثمارية ذات الأولوية، لكونه من أكثر القطاعات قدرةً على رفد الاقتصاد الوطني وتعزيز حضور الأردن على خريطة الاستثمار إقليميًا ودوليًا. ويؤكد مختصون ضرورة استعادة الزخم لهذا القطاع الطبي الحيوي، بعد فترات تراجع أفقدته جزءًا من بريقه.

أكد وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة د.محمد المومني أن الحكومة، منذ تشكيلها، أولت اهتمامًا خاصًا بتنفيذ حزمة من القرارات والإجراءات لتسريع وتيرة الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، بالتوازي مع خطوات إصلاحية وخدمية لتخفيف الأعباء عن المواطنين وتحسين جودة الخدمات العامة. وأوضح أن المؤشرات الاقتصادية الحديثة تُظهر تحسنًا ملحوظًا في الأداء؛ من بينها ارتفاع الاستثمارات الخارجية وزيادة الصادرات الوطنية وتسجيل الاحتياطي الأجنبي مستويات قياسية غير مسبوقة إلى جانب تحقيق معدلات نمو إيجابية.

ثروة وطنية راسخة

رئيس مجلس إدارة جمعية المستشفيات الخاصة د.فوزي الحموري وصف السياحة العلاجية بأنها ثروة وطنية حقيقية جاءت ثمرة تراكم إنجازات طبية عبر عقود. وأضاف في تصريحات سابقة: “علينا أن نعترف جميعا أن ما تحقق لهذا القطاع، يعود لجهود الرواد من الأطباء الأردنيين، منذ خمسينيات القرن الماضي وتحديدا منذ سبعينياته، حين نفذوا عمليات نوعية، أكسبت الأردن سمعة إقليمية ودولية، وجعلت الطبيب الأردني معروفا بالمنطقة والعالم، وهذه السمعة يجب أن نبني عليها ونحافظ عليها”.
وأشار إلى أن البيئة الاستثمارية آنذاك كانت محفزة، ما جعل الأردن من دول قليلة عالميًا يفوق فيها عدد المستشفيات الخاصة مجموع المستشفيات الحكومية والجامعية. وتابع: “أكثر من 60 % من مستشفيات المملكة هي خاصة، تشغل أكثر من 40 ألف أردني في المستشفيات والقطاعات المساندة لها”. وبيّن أن كل سرير يحتاج إلى تشغيل 3–5 موظفين؛ ما يعني أن مستشفى بسعة 200 سرير قد يستوعب قرابة ألف موظف.

شراكة وطنية لاستعادة التنافسية

من جانبه، يؤكد الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء د.حازم القرالة أن لدى الأردن إرثًا طويلًا في السياحة العلاجية جعله لعقود وجهة رئيسية لمرضى المنطقة، مدعومًا بكفاءات طبية عالية وموقع جغرافي إستراتيجي. ويرى أن التطورات الاقتصادية الإقليمية وتحسّن البنى الصحية في دول الجوار وزيادة المنافسة تستلزم الانتقال من الاتكال على السمعة التاريخية إلى شراكة وطنية شاملة تقودها الحكومة، بمشاركة النقابات المهنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لاستعادة موقع الأردن على خريطة المنافسة الإقليمية والدولية.

ويشدد القرالة على أن تطوير السياحة العلاجية مسؤولية جماعية لا تُناط بجهة واحدة؛ بل هي مشروع وطني يتطلب إدارة تكاملية توحِّد السياسة الحكومية مع الجهود المهنية، وتُزيل العوائق البيروقراطية المتعلقة بتأشيرات المرضى ومرافقيهم، وتُطلق إستراتيجية ترويج دولية منهجية، وتُنمّي الكفاءات البشرية وتحدّ من تسربها. كما يلفت إلى أن الحكومة الأقدر على قيادة الشراكة بحكم مسؤوليتها عن التخطيط الوطني والاستثمار في القطاعات الإستراتيجية، مع دور محوري لنقابة الأطباء في رسم السياسات وتنظيم المهنة وحماية الطبيب بوصفه ركيزة نجاح القطاع. ويؤكد أن استعادة المكانة ليست حلمًا بعيدًا، بل هدف قابل للتحقق عبر إطار وطني واضح للسياحة العلاجية يتضمن جدولًا زمنيًا وخططًا تنفيذية قابلة للقياس والمتابعة، داعيًا إلى انفتاح أكبر على النقابات والمستثمرين والمؤسسات الصحية لتحويل السياحة العلاجية إلى رافعة للتنمية الاقتصادية والصحية ومكانة المملكة.

ملف متعدد الاختصاصات

بدوره، يشير مؤسس لجنة الأخلاقيات الطبية في نقابة الأطباء د.مؤمن الحديدي إلى أن ملف السياحة العلاجية في الأردن “موضوع متعدد التخصصات، والكفاءات، والأدوار”، معتبرًا أن نقطة الانطلاق لنجاحه تبدأ منذ استقبال المريض في المطار والترحيب به. ولتحقيق ذلك، يرى أن الطب يجب أن يُمارَس بأعلى درجات المهنية، بدءًا من التشخيص الدقيق، مرورًا بالإجراءات والتدخلات السليمة، “وكل ذلك بموافقة المريض وتبصيره، وعند الانتهاء وخروجه من المستشفى أو مكان العلاج، يجب أيضا اعلامه بجميع التفاصيل التي يحتاجها بعد مغادرته”.
وتابع: “عندما يجد المريض أموره ميسرة في المطار، ينتقل بعدها لمكان تقديم الخدمة حيث الأطباء والتمريض والصيادلة والفنيون، الذين يجب ان يكونوا على اعلى درجات المسؤولية”، مؤكدًا أن الأمر ليس مسؤولية النقابات الصحية فقط، بل يتطلب جهودًا مشتركة من دون إغراق في الوعود أو مبالغة في التكلفة. وختم بالتشديد على أن السياحة العلاجية مشروع وطني متكامل يحتاج إلى تضافر الجهود الطبية والمجتمعية واللوجستية، كي يبقى الأردن وجهة علاجية رائدة في المنطقة.

Omar Al-Zoubi
Omar Al-Zoubi
عمر الزعبي صحفي ومحلل أخبار، يتمتع بخبرة تزيد عن عشر سنوات في العمل مع مؤسسات إعلامية بارزة داخل الأردن وخارجه. يقدم تحليلات معمقة وتقارير ميدانية وصحافة استقصائية تغطي الأخبار الأردنية والأحداث العالمية في مختلف المجالات، مما يعزز مكانة jodaily.com.
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة

احدث التعليقات