أعلنت الصين، عبر وسائل إعلامها الرسمية، أن نائب رئيس الوزراء وكبير المفاوضين التجاريين، هو ليفنغ، أكد استعداد بكين لـ”تعزيز التعاون” مع واشنطن، عقب محادثات تجارية جرت في لندن وُصفت بأنها شهدت “تقدمًا جوهريًا”.
ومن جانبه، أعرب وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك عن تفاؤله بنتائج يوم كامل من المفاوضات، مشيرًا إلى أن القضايا المتعلقة بالمعادن الأرضية النادرة والمغانط سيتم حلّها “في نهاية المطاف” مع تنفيذ الاتفاق. إلا أن المسؤولين أوضحوا أن الإطار المتفق عليه لا يزال في حاجة إلى موافقة قادة البلدين في واشنطن وبكين.
تجاوز الجمود والتصعيد الجمركي
جرت المحادثات في مقر “لانكستر هاوس” التاريخي بلندن، حيث سعت القوتان الاقتصاديتان الأكبر في العالم إلى كسر الجمود الذي نجم عن القيود المفروضة على الصادرات، خصوصًا في ظل اتهامات أمريكية سابقة لبكين بتأخير تراخيص شحن المعادن الأرضية النادرة.
كما شكّلت الرسوم الجمركية التصعيدية بين الطرفين محورًا آخر للمحادثات، مع تعليق مؤقت لبعض الرسوم في انتظار اتفاق أكثر استدامة. وقال ممثل التجارة الأمريكية جيميسون غرير:
“نحن نتحرك بأقصى ما نستطيع، ونرغب بشدة في التوصل إلى اتفاق مفيد للطرفين. العلاقة معقدة، لكننا نشعر بإيجابية تجاه الحوار مع الصين.”
في المقابل، أوضح الممثل التجاري الصيني لي تشنغ قانغ أن المحادثات اتسمت بـ”الاحترافية والعمق والشفافية”، معربًا عن أمله في أن يعزز التقدّم المحرز الثقة المتبادلة بين الجانبين.
وبحسب التلفزيون المركزي الصيني (CCTV)، شدّد هو ليفنغ على ضرورة “تعزيز التفاهم وتقليص سوء الفهم وتقوية التعاون” في المرحلة المقبلة.
آمال بتفاهم أوسع
وصف وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، المباحثات بأنها “مثمرة”، رغم اضطراره للمغادرة المبكرة من لندن للعودة إلى واشنطن من أجل الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس، ما أدى إلى مغادرته قبل نهاية الاجتماعات.
لا توجد حتى الآن جولة جديدة من المفاوضات محددة، لكن لوتنيك ألمح إلى أن الإجراءات الأمريكية المفروضة على صادرات المعادن “ستُخفّف” في حال التزام بكين بالمزيد من الموافقات على التراخيص.
وقد استقبلت الأسواق نتائج المحادثات بإيجابية، حيث ارتفعت الأسهم يوم الأربعاء، وسط تفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري أوسع بين الجانبين. وكان أداء بورصة هونغ كونغ من بين الأفضل في آسيا، كما شهدت الأسواق الأوروبية أيضًا صعودًا.
الاتفاق المؤقت في جنيف ومخاوف التباطؤ
تأتي محادثات لندن استكمالًا لاتفاق مؤقت تم في جنيف الشهر الماضي يقضي بتخفيض بعض الرسوم الجمركية. ومن أبرز القضايا المطروحة، صادرات الصين من المعادن الأرضية النادرة، المستخدمة في صناعات متعددة مثل الهواتف الذكية، وبطاريات السيارات الكهربائية، والتكنولوجيا الخضراء.
وكان كبير مستشاري الرئيس الأمريكي الاقتصاديين، كيفن هاسيت، قد أوضح أن الاتفاق في جنيف شمل التزامًا صينيًا بإطلاق تلك المواد، إلا أن وتيرة التنفيذ كانت أبطأ من المتوقع لدى بعض الشركات.
أدوات اقتصادية متقابلة
قالت إيميلي بنسون، مديرة قسم الاستراتيجية في مؤسسة “مينيرفا فيوتشرز”، إن البلدين أصبحا يمتلكان “ترسانة متقابلة من أدوات التجارة والاستثمار”، ما يجعل التوصل إلى اتفاق تقليدي أمرًا صعبًا، لكن لا يزال بإمكانهما كبح التصعيد.
وأشارت إلى أن تهدئة الوضع قد تشمل تحسين الصين لآلية إصدار تراخيص التصدير، في حين يمكن أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات نحو تخفيف بعض القيود على الصادرات عالية التقنية.
لكن الحذر لا يزال قائمًا، إذ حذّر توماس ماثيوز من مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” من أن واشنطن “من غير المرجح أن تتراجع بشكل كامل”، وهو ما قد يُبقي الضغط على الأسواق.
منذ عودته إلى السلطة، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 10% على واردات أغلب الدول، مع تهديدات بزيادات أكبر، مما أثّر سلبًا على التجارة. وأظهرت بيانات صينية أن الصادرات نحو الولايات المتحدة تراجعت بشكل حاد في مايو.
جهود تحالفات بديلة
وفي ظل استمرار حالة الغموض، تجري بكين محادثات مع شركاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بهدف تشكيل جبهة موحدة لمواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية، في محاولة لإعادة التوازن في العلاقات التجارية العالمية.