كشفت دراسة حديثة أجرتها شركات متخصصة في تحسين محركات البحث والروابط الخلفية أن روبوتات الدردشة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لم تؤثر بشكل ملحوظ على حركة المرور إلى مواقع محركات البحث الشهيرة خلال العامين الماضيين.
حللت الدراسة بيانات حركة المرور العالمية على الإنترنت في الفترة بين أبريل 2023 ومارس 2025، ووجدت أن مواقع روبوتات الدردشة مثل ChatGPT شكلت فقط حوالي 2.96% من إجمالي الزيارات التي تلقتها محركات البحث. في حين شهدت حركة المرور على محركات البحث انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.51% خلال الفترة بين أبريل 2024 ومارس 2025، بواقع 1.86 تريليون زيارة، إلا أن حركة روبوتات الدردشة ارتفعت بنسبة 80.92% سنويًا.
يشير هذا الانخفاض الطفيف إلى أن رغم النمو السريع في استخدام روبوتات الدردشة، إلا أنها لم تحل بعد مكان البحث التقليدي على الإنترنت بشكل ملموس. وذكر مؤلف الدراسة، سوجان ساركار، مؤسس OneLittleWeb:
“رغم الانتشار الكبير لـChatGPT، إلا أنه لا يزال يحصل على زيارات يومية أقل بحوالي 26 مرة مقارنة بجوجل”.
وأضاف ساركار أن محركات البحث الكبرى مثل Google وMicrosoft Bing تستفيد من دمج ميزات الذكاء الاصطناعي مثل AI Overviews و Search Generative Experience (SGE) لتعزيز حركة المرور في بداية 2025. وقال:
“على الرغم من الانخفاض المؤقت، ساعدت هذه التكاملات في إحياء الاهتمام بالاستخدام”.
من جهة أخرى، أشار روب إندرل، رئيس شركة Enderle Group الاستشارية، إلى أن فترة الدراسة الطويلة قد لا تعكس الواقع الحالي بدقة، لأن استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث ما زال في بداياته. وأوضح أن الناس لم يتعلموا بعد كيفية استخدام هذه الأدوات بكفاءة، ما يجعل بيانات عامين تشمل فترة ما قبل الذكاء الاصطناعي متحيزة. وأكد أهمية إجراء دراسات أكثر توقيتًا لتعكس الوضع الراهن.
كما أبرز مارك ن. فينا، الرئيس التنفيذي لشركة SmartTech Research، أن محركات البحث تحظى بثقة المستخدمين المتراكمة عبر عقود، فضلاً عن عادات البحث الراسخة لديهم. وأوضح أن محركات البحث توفر وسيلة سريعة وشاملة للوصول إلى مختلف المعلومات والمنتجات والأخبار، مدعومة بفهرسة ضخمة على الإنترنت ونماذج أعمال مدعومة بالإعلانات تسمح بالابتكار المستمر. وأضاف أن التكامل المتزايد لمحركات البحث مع المتصفحات والأجهزة المحمولة يعزز الاستخدام اليومي ويجعلها أداة بحث افتراضية لا غنى عنها.
وأكدت الدراسة أن محركات البحث ليست في طريقها للاندثار، بل تتطور بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة مستخدم أكثر تخصيصًا وثراءً. في المقابل، تحظى روبوتات الدردشة بمكانة متخصصة في المهام التي تتطلب تفاعلات حوارية مباشرة أو إنتاجًا إبداعيًا.
وقال فينا:
“محركات البحث تتكيف مع العصر الجديد عبر تحسين جودة الإجابات والتخصيص، بينما تبرز روبوتات الدردشة في السيناريوهات التي تحتاج لتوليف المعلومات أو المحادثة المستمرة”.
وأشار إندرل إلى أن مزودي تقنيات الذكاء الاصطناعي يواجهون تحديات في ترسيخ مكانة مستقلة في السوق، متوقعًا أن يتحسن الوضع مع مرور الوقت، لكنه ألقى باللوم على ضعف الترويج كسبب لبطء الانتشار الحالي.
من جهته، اعتبر جريج ستيرلينج، المؤسس المشارك لشركة Near Media، أن هناك تقاربًا بين محركات البحث والذكاء الاصطناعي، حيث تدمج جوجل المزيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي بينما تركز ChatGPT على تحسين تجربة البحث نفسها. وأضاف:
“محركات البحث لا تختفي، لكن تجربة المستخدم التقليدية هي التي تتغير، مما يؤثر على الناشرين والمعلنين”.