مع حلول عيد الأضحى المبارك، يعتاد الأردنيون على تناول كميات كبيرة من اللحوم بأنواعها المختلفة، إضافة إلى الحلويات التقليدية مثل الكعك والمعمول. هذا التغيير المفاجئ في النمط الغذائي يتسبب في ظهور مشكلات صحية، خاصة في الجهاز الهضمي، كما قد يتسبب بمضاعفات خطيرة لدى بعض الفئات مثل كبار السن ومرضى المعدة والقولون.
يشير مختصون إلى أن الإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء والحلويات يضغط على الجهاز الهضمي، ويؤدي إلى حالات عسر هضم، وانتفاخ، وحموضة، وإمساك، وهو ما يلاحظ بوضوح في أقسام الطوارئ خلال أيام العيد. وتُعد عادة تناول اللحوم مباشرة بعد ذبح الأضحية من الممارسات الشائعة رغم التحذيرات الطبية، إذ يحتاج اللحم الطازج لبعض الوقت ليصبح أكثر قابلية للهضم، كما أن الإكثار من الدهون والمقليات يزيد من إرهاق الجسم ويرفع مستوى الكوليسترول في الدم.
عميد كلية الطب في الجامعة الهاشمية، الدكتور محمد عبد الحميد القضاة، أوضح أن التغير المفاجئ في النظام الغذائي خلال العيد هو السبب الرئيسي لزيادة المشاكل الهضمية، لافتاً إلى أن الحلويات مثل كعك العيد ترفع السعرات الحرارية والسكر في الدم بشكل ملحوظ، مما يمثل خطورة خاصة على مرضى السكري. وأكد القضاة على أهمية توزيع الوجبات وعدم الإكثار من اللحوم الحمراء، مشيراً إلى أن الكمية اليومية يجب ألا تتجاوز 200 غرام، مع تفضيل طرق الطهي الصحية مثل السلق أو الشواء، وضرورة تناول الخضروات الغنية بالألياف وتجنب الوجبات المتأخرة والمقليات.
من جانبها، حذرت الصيدلانية الدكتورة ملاك بني عامر من التأثيرات الصحية التي قد تنجم عن الإفراط في تناول الدهون والسكريات، خاصة لدى الأشخاص الذين يتناولون أدوية مزمنة. وأوضحت أن هذه العادات قد تتداخل مع امتصاص الأدوية أو تقلل من فعاليتها، ما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم أو السكر، ويستدعي أحيانًا تدخلًا لتعديل الجرعات. كما نبهت إلى أن الدهون الزائدة قد تؤدي إلى تركيز أعلى للدواء في الجسم، مما يزيد من احتمالية حدوث آثار جانبية. وشددت على ضرورة شرب كميات كافية من الماء، وتجنب المشروبات الغازية، والحفاظ على بعض النشاط البدني بعد الوجبات، وعدم تغيير مواعيد الأدوية أو التوقف عنها دون استشارة طبية.
وفي السياق ذاته، أكدت خبيرة التغذية رهف فخر الدين أهمية التوازن الغذائي خلال العيد، لما له من أثر مباشر على طاقة الجسم واستقراره الهرموني والأيضي، لا سيما خلال أيام العيد التي تشهد نشاطاً اجتماعياً مكثفاً. وأشارت إلى أن الإكثار من اللحوم والحلويات يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستويات الجلوكوز والأنسولين، مما يسبب تقلبات في الطاقة ويزيد من الإحساس بالخمول والرغبة في تناول المزيد من الطعام. كما حذّرت من تأثير الإفراط في تناول اللحوم الحمراء على الكلى نتيجة زيادة إنتاج اليوريا والكرياتينين، وأشارت إلى أن البروتين الحيواني يحتوي على أحماض أمينية تتطلب طاقة إضافية للهضم، مما قد يسبب شعوراً بالإرهاق.
وفي ختام هذه التحذيرات، يؤكد الخبراء أن الاعتدال هو المفتاح لتجنب المشكلات الصحية خلال العيد، وينصحون بالحفاظ على نمط غذائي متوازن ومراقبة أي أعراض غير طبيعية، خصوصاً لدى الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات.
