تشهد درجات الحرارة العالمية ارتفاعًا مستمرًا وغير مسبوق نتيجة تغير المناخ، ما دفع العلماء إلى تكثيف أبحاثهم حول تأثير هذا التحول البيئي على الفئات السكانية الأكثر هشاشة، وخاصة النساء الحوامل.
وفي هذا الإطار، نشر مركز الأبحاث الأمريكي “كلايمت سنترال” تقريرًا حديثًا يوم الأربعاء، يكشف فيه عن مدى تعرض الحوامل لموجات حر شديدة منذ عام 2020، ومدى ارتباط هذا التعرض المتزايد بتسارع ظاهرة الاحتباس الحراري.
شمل التقرير تحليلاً لبيانات من 247 دولة ومنطقة، وأظهرت النتائج أن عدد الأيام التي تواجه فيها النساء الحوامل حرارة مفرطة قد تضاعف على الأقل في 222 من تلك الدول خلال السنوات الخمس الماضية. وقد كانت حدة هذا التأثير أكثر وضوحًا في الدول النامية، حيث تعاني العديد منها من ضعف في أنظمة الرعاية الصحية، مثل بلدان أمريكا الوسطى والجنوبية، البحر الكاريبي، جنوب شرق آسيا، جزر المحيط الهادئ، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ورغم أن التقرير ركز على عدد أيام الحرارة الشديدة دون الغوص في التأثيرات الصحية المباشرة، إلا أن المخاوف تتزايد بشأن التداعيات المحتملة على صحة الحوامل في تلك المناطق.
وفي تعليق لها على التقرير، قالت آنا بونيل، الباحثة المتخصصة في صحة الأم والتعرض للحرارة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، والتي لم تشارك في إعداد التقرير:
“البيانات توفّر دليلًا واضحًا على تزايد خطر التعرض للحرارة الشديدة، ويبدو أن هذا الخطر لا يقتصر على النساء الحوامل فقط، بل يشمل أيضًا فئات أخرى مثل كبار السن”.
وأضافت بونيل أن المجتمع العلمي لا يزال يعمل على فهم الآليات البيولوجية التي تجعل من التعرض للحرارة خطرًا صحيًا مباشرًا، بالرغم من وجود أدلة متزايدة على العلاقة بين درجات الحرارة المرتفعة ووقوع مضاعفات صحية.
وفي سياق متصل، توصلت دراسة نُشرت عام 2024 في مجلة “نيتشر ميديسن” إلى أن موجات الحر يمكن أن تزيد احتمال تعرض النساء الحوامل لمضاعفات بنسبة تصل إلى 25%، ما يدعم المخاوف المتعلقة بتأثير تغير المناخ على الصحة الإنجابية.
ولمواجهة هذه التهديدات، أوصى خبراء الصحة العامة بضرورة التنسيق بين الجهود الدولية للحد من الانبعاثات الكربونية والسياسات المحلية الرامية إلى حماية المجتمعات من درجات الحرارة المرتفعة. وتشمل هذه السياسات توسيع المساحات الخضراء، تقليل التلوث، إنشاء مناطق باردة، وتعزيز الوعي الصحي العام، لا سيما بين الفئات الحساسة.
