الأحد, يونيو 8, 2025
الرئيسيةصحةدراسة: العمل لساعات طويلة يُحدث تغيرات ملموسة في بنية الدماغ

دراسة: العمل لساعات طويلة يُحدث تغيرات ملموسة في بنية الدماغ

في حين أن الآثار الجسدية والنفسية للعمل المفرط معروفة منذ وقت طويل، إلا أن التأثيرات العصبية العميقة ظلت أقل وضوحًا. غير أن دراسة علمية حديثة كشفت أن العمل لساعات طويلة يمكن أن يُحدث تغييرات في أجزاء معينة من الدماغ ترتبط بالتنظيم العاطفي والذاكرة والانتباه وحل المشكلات.

دراسة جديدة تقارن بين أنماط العمل

أجرى فريق دولي من الباحثين بقيادة علماء من جامعة “تشونغ آنغ” في كوريا الجنوبية دراسة على 110 من العاملين في قطاع الرعاية الصحية. وقُسّم المشاركون إلى مجموعتين: الأولى تضم 32 شخصًا يعملون 52 ساعة أو أكثر أسبوعيًا، وهي ساعات تُصنّف ضمن العمل المفرط، والثانية تضم 78 شخصًا يعملون لساعات أقل من ذلك، وهي أقرب إلى النمط الاعتيادي للعمل.

باستخدام تقنيات تصوير متقدمة مثل VBM (قياس الأشكال القائم على فوكسل) وتحليل الأطلس البنيوي، تم تقييم التغيرات في المادة الرمادية داخل الدماغ لدى المشاركين عبر فحوصات الرنين المغناطيسي.

تغييرات هيكلية في مناطق عصبية مهمة

بعد ضبط النتائج وفقًا للعمر والجنس، تبيّن أن الأفراد الذين يعانون من إرهاق العمل أظهروا فروقًا واضحة في بنية الدماغ، شملت 17 منطقة مختلفة. أبرز هذه التغييرات ظهرت في:

  • التلفيف الجبهي الأوسط (MFG)
  • الجزيرة (Insula)
  • التلفيف الصدغي العلوي (STG)

كما كشف التحليل أن العاملين لساعات طويلة لديهم حجم أكبر بنسبة 19٪ في منطقة التلفيف الجبهي الأوسط الذيلي الأيسر، مقارنة بمن يعملون ساعات أقل.

ما أهمية هذه المناطق في الدماغ؟

تُعد منطقة التلفيف الجبهي الأوسط من أهم مراكز الدماغ المسؤولة عن الوظائف التنفيذية، مثل التنظيم العاطفي، والذاكرة قصيرة الأمد، والانتباه، والتخطيط. أما التلفيف الصدغي العلوي، فهو مرتبط بمعالجة المعلومات السمعية واللغوية، في حين تُعد الجزيرة جزءًا أساسيًا في تحليل الألم والإشارات الحسية.

هذه النتائج تُعد الأولى من نوعها التي تقدم أدلة مرئية على التغييرات الهيكلية في الدماغ نتيجة إرهاق العمل، وهو ما قد يفسّر بعض التحديات العاطفية والمعرفية التي يُبلغ عنها كثيرون ممّن يعملون لساعات طويلة، مثل الاكتئاب، فقدان التركيز، أو ضعف القدرة على اتخاذ القرار.

دعوة لتدخلات لحماية الصحة العقلية

رغم أن الدراسة لم تثبت بعد وجود علاقة سببية مباشرة، فإن الباحثين يؤكدون أن هذه التغييرات تستحق الدراسة المتعمقة. وقد شددوا على أهمية دمج علوم الأعصاب في سياسات الصحة المهنية، والعمل على تطوير برامج وتدخلات وقائية تحمي العاملين من الإرهاق الذهني والبدني المتراكم.

كما أوصى الفريق بإجراء دراسات طولية ومتعددة الوسائط مستقبلاً لفهم الآليات العصبية الدقيقة لهذه الظاهرة، ومساعدتهم على تطوير استجابات فعالة تضمن سلامة الموظفين، لا سيما في المهن التي تتطلب مجهودًا ذهنيًا وجسديًا مكثفًا.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات