الثلاثاء, ديسمبر 23, 2025
الرئيسيةالعالمزلزال في عالم البث: الأوسكار ينتقل حصرياً إلى يوتيوب بدءاً من 2029

زلزال في عالم البث: الأوسكار ينتقل حصرياً إلى يوتيوب بدءاً من 2029

في خطوة تمثل تحولاً جذرياً في تاريخ الترفيه والبث التلفزيوني، أبرمت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة صفقة تاريخية متعددة السنوات تمنح بموجبها منصة “يوتيوب” حقوق البث الحصرية العالمية لحفل توزيع جوائز الأوسكار. سيبدأ تفعيل هذا الاتفاق انطلاقاً من الدورة الـ101 للحفل في عام 2029، ليستمر التعاون حتى عام 2033.

إسدال الستار على حقبة “إيه بي سي”

بمقتضى هذا العقد الجديد، سيغادر حفل الأوسكار منزله التقليدي على شبكة “إيه بي سي” (ABC)، التي احتضنت الحدث السينمائي الأهم لعقود طويلة. ومع ذلك، ستواصل الشبكة بث الحفل حتى عام 2028، لتكون هي الناقل لاحتفالية الذكرى المئوية المنتظرة للجوائز.

سيتاح حفل توزيع الجوائز، بما في ذلك فعاليات السجادة الحمراء، وكواليس الحفل، وحفل “غفرنرز بول” (Governors Ball)، للمشاهدة عبر البث المباشر المجاني لمستخدمي يوتيوب في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى توفره لمشتركي خدمة “يوتيوب تي في” داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن البث عبر المنصة سيتضمن فواصل إعلانية تجارية كجزء من النموذج الربحي.

ويهدف القائمون على هذه الصفقة إلى تعزيز الانتشار العالمي للأوسكار، مستفيدين من التقنيات التي يوفرها يوتيوب مثل الترجمة النصية المغلقة والمسارات الصوتية متعددة اللغات، مما يلبي تطلعات جمهور الأكاديمية المتزايد في مختلف القارات.

في بيان مشترك، أعرب كل من الرئيس التنفيذي للأكاديمية بيل كرامر، ورئيسة الأكاديمية لينيت هاول تايلور، عن حماسهما لهذه الشراكة، واصفين يوتيوب بأنه: “المنزل المستقبلي للأوسكار وبرامج الأكاديمية على مدار العام”.

وأكد الثنائي في تصريحاتهما أن الأكاديمية هي مؤسسة ذات صبغة دولية، وأن هذه النقلة ستضمن وصول أعمالها إلى أوسع جمهور عالمي ممكن، مما يعود بالفائدة على الأعضاء وصناعة السينما ككل. وأضافا أن هذا التعاون سيستثمر في الشعبية الهائلة ليوتيوب لتقديم فرص تفاعلية مبتكرة، مع الحرص على صون إرث الأوسكار، وإلهام الأجيال القادمة من صناع الأفلام، وإتاحة أرشيف وتاريخ السينما على نطاق لم يسبق له مثيل.

من جهته، علق الرئيس التنفيذي لمنصة يوتيوب، نيل موهان، واصفاً الأوسكار بأنه: “إحدى المؤسسات الثقافية الأساسية”. وأكد موهان أن التحالف مع الأكاديمية سينقل هذا الاحتفال بالفن والسرد القصصي إلى جمهور عالمي عريض، مع الالتزام بالحفاظ على الإرث التاريخي العريق للحفل.

يذكر أن الأكاديمية قضت معظم عام 2025 في البحث عن صفقة بث جديدة، حيث شهدت أروقة المفاوضات تنافساً بين جهات تقليدية وأخرى حديثة، أبرزها “نتفليكس” و”إن بي سي يونيفرسال”.

تحديات البث المباشر في بيئة غير تقليدية

كشفت مصادر مطلعة أن عرض “يوتيوب” المالي تجاوز مئات الملايين من الدولارات، متفوقاً بوضوح على العروض المقدمة من تحالف “ديزني/شبكة إيه بي سي” ومجموعة “إن بي سي يونيفرسال”. وبحسب العقد السابق، كانت ديزني تدفع قرابة 100 مليون دولار سنوياً، لكن التقارير الإعلامية تشير إلى أن تراجع نسب المشاهدة دفع الشبكة لمحاولة تقليص قيمة رسوم الترخيص في المفاوضات الجديدة.

أبدى بعض المسؤولين التنفيذيين في ديزني استغرابهم من فوز يوتيوب بالحقوق، نظراً لكونه منصة رقمية بحتة، وليس كياناً هجيناً يجمع بين البث التلفزيوني الخطي والرقمي كما هو الحال مع “إن بي سي يونيفرسال”. ولم تكن التوقعات تشير بقوة إلى أن الأوسكار سينتهي به المطاف في أحضان يوتيوب.

ويعود سبب هذا الاستغراب جزئياً إلى افتقار يوتيوب للبنية التحتية الإنتاجية المتخصصة في الفعاليات الحية الضخمة، على عكس منصات مثل “نتفليكس” و”أمازون” التي استثمرت في هذا المجال. ومع ذلك، يمتلك يوتيوب مهلة تمتد لثلاث سنوات لتأسيس فريق إنتاج متمكن. كما لا يستبعد المحللون أن تكون الأكاديمية قد فضلت يوتيوب تحديداً لتتمكن هي من تولي زمام الإنتاج الكامل للحفل بنفسها.

تاريخياً، شابت العلاقة بين الأكاديمية وديزني/إيه بي سي خلافات حول قضايا متعددة، مثل مدة الحفل، عدد الجوائز الموزعة على الهواء، وهوية المقدم. الآن، ومع الانتقال إلى منصة بث لا تخضع لقيود الجداول الزمنية للتلفزيون، ستتمتع الأكاديمية بحرية مطلقة في تحديد مدة الحفل وصياغته. وفي هذا السياق، علق أحد المطلعين ساخراً: “يمكنهم تقديم حفل أوسكار مدته ست ساعات، حتى لو كان مقدمه (مستر بيست) MrBeast”.

رغم ذلك، تظل هناك تساؤلات عالقة، أبرزها مصير عائدات التوزيع الدولي التي كانت تدر دخلاً إضافياً للأكاديمية، وهل سيعوض المقابل المالي الجديد هذه الأموال؟ كما يثير قياس نسب المشاهدة على يوتيوب جدلاً في ظل غياب المعايير التقليدية للتلفزيون، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بقدرة جمهور الإنترنت على التركيز لفترات طويلة.

يأتي هذا التغيير في وقت تعاني فيه جوائز الأوسكار من تراجع في نسب المشاهدة مقارنة بالماضي. فعلى الرغم من حادثة صفع ويل سميث لكريس روك في 2022، لم يتجاوز متوسط المشاهدة 16.6 مليون، وهو ثاني أقل رقم تاريخياً بعد نسخة 2021. أما نسخة العام الحالي فسجلت 18.1 مليون مشاهد، وهو رقم مقبول مقارنة بوضع التلفزيون التقليدي، لكنه بعيد كل البعد عن ذروة عام 1998 التي بلغت 57 مليون مشاهد بفضل فيلم “تايتانيك”.

ديزني ومستقبل الصناعة

من وجهة نظر مسؤولي ديزني/شبكة إيه بي سي، فإن خسارة حقوق الأوسكار لصالح يوتيوب تعتبر “أهون الشرين” وأقل ضرراً من انتقالها لمنافس مباشر مثل “إن بي سي يونيفرسال”، خاصة مع تركيز الشركة المستمر على البث المباشر، حيث حصلت مؤخراً على حقوق “الجرامي”، وتخطط لجمع “السوبر بول” والأوسكار و”الجرامي” في عام واحد بحلول 2027.

وعقبت الشركة في بيان رسمي قائلة إن: “إيه بي سي كانت على مدى أكثر من نصف قرن المنزل الرئيس لحفل توزيع جوائز الأوسكار”. وأعربت عن تطلعها لبث الدورات الثلاث المتبقية، بما فيها الذكرى المئوية في 2028، متمنية للأكاديمية دوام النجاح.

يثير هذا القرار تساؤلات حول مستقبل الحدث بعد مئويته، ومدى قدرته على الاحتفاظ بوهجه الثقافي عند انتقاله لمنصة ترتبط بصناع المحتوى أكثر من السينما التقليدية.

يتزامن هذا التحول مع مرحلة حساسة تمر بها صناعة السينما، حيث تكثر الأسئلة حول مستقبل التوزيع ونوافذ العرض. ويرى مراقبون أن يوتيوب قد يكون الخيار المنطقي لكونه المنصة الأكثر مشاهدة عالمياً، مع توقعات بتزايد نفوذه. ويشبه البعض هذه الخطوة بما حدث عام 1994 عندما حصلت شبكة “فوكس” على حقوق دوري كرة القدم الأميركية (NFL) رغم افتقارها للخبرة الرياضية حينها، قبل أن تؤسس إمبراطوريتها الرياضية. وبالمثل، فإن انتقال الأوسكار ليوتيوب هو إشارة قوية لمكانته كقوة إعلامية لا يستهان بها.

Omar Al-Zoubi
Omar Al-Zoubi
عمر الزعبي صحفي ومحلل أخبار، يتمتع بخبرة تزيد عن عشر سنوات في العمل مع مؤسسات إعلامية بارزة داخل الأردن وخارجه. يقدم تحليلات معمقة وتقارير ميدانية وصحافة استقصائية تغطي الأخبار الأردنية والأحداث العالمية في مختلف المجالات، مما يعزز مكانة jodaily.com.
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة

احدث التعليقات