فاز زهران ممداني، الشاب الذي يمثل التيار اليساري المتطرف داخل الحزب الديمقراطي والمنتقد اللاذع للرئيس دونالد ترامب، بانتخابات رئاسة بلدية نيويورك، في الاختبار الانتخابي الأول للرئيس الجمهوري منذ توليه المنصب.
تفوق ممداني، البالغ من العمر 34 عاماً، على المنافسين أندرو كومو، الحاكم السابق للولاية، والمرشح الجمهوري كورتيس سليوا، كما أكدت النتائج الأولية الصادرة عن مجلس انتخابات المدينة.
وأوضح ممداني أن انتصاره القوي يمهد السبيل لإسقاط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يهاجم بشدة السياسات التقدمية للناشط المسلم الاشتراكي الديمقراطي.
وفي خطاب النصر الذي ألقاه أمام أنصاره، قال ممداني: “إذا كان هناك من يستطيع أن يظهر لأمة خانها دونالد ترامب طريقة هزيمته، فهي المدينة التي أوصلته” إلى ما هو عليه. وأضاف أن “نيويورك ستكون النور في هذا الوقت من الظلام السياسي”.
وسيُصبح ممداني أول مسلم يشغل منصب رئيس بلدية أكبر مدن الولايات المتحدة، مع توليه المهام رسمياً في الرابع من يناير.
وبذل ترامب قصارى جهده لإقناع سكان نيويورك بعدم التصويت لممداني، لكن هذه المحاولات لم تنجح، تماماً كما فشل نداؤه إلى الناخبين اليهود لمنع وصول المرشح المسلم إلى المنصب.
وكتب الرئيس الأمريكي على منصته “تروث سوشيال”: “أي شخص يهودي يصوّت لزهران ممداني… هو شخص غبي!”، مضيفاً أن ممداني، الذي يُعرف بمؤيدته القوية للقضية الفلسطينية، “يكره اليهود”.
وكان ممداني يتعرض دائماً لهجمات بسبب آرائه حول إسرائيل والنزاع في غزة، إلا أنه لم يتنازل عنها، محافظاً في الوقت ذاته على رفضه التام للعنصرية ضد اليهود ومطمئنِاً المجتمع اليهودي خلال حملته الانتخابية.
وظل ممداني، الذي حقق فوزاً مفاجئاً في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في يونيو، في صدارة الاستطلاعات، حتى بعد انسحاب رئيس البلدية الحالي إريك آدامز من السباق، الذي دعا الناخبين إلى دعم أندرو كومو.
وأبرز ممداني، المولود في أوغندا لعائلة هندية مثقفة ووصل إلى أمريكا في السابعة من عمره وحصل على الجنسية في 2018، قضية ارتفاع تكاليف الحياة كمحور رئيسي في حملته.
ورغم وصف ترامب له بـ”الشيوعي”، إلا أن أفكار ممداني – خاصة في مجال السيطرة على الإيجارات وتوفير النقل العام مجاناً وإنشاء مراكز حضانة عامة – تتماشى أكثر مع مبادئ الديمقراطية الاشتراكية.
“وداعاً لسياسة الماضي” –
وأفاد الخبير في العلوم السياسية كوستاس بانايوبولوس بأن زهران ممداني، الذي يحظى بشعبية واسعة بين الشباب، نجح في جذب آلاف المحبطين من السياسة الحالية، وهم “ناخبون يبحثون عن وجوه جديدة”.
وفي إشارة إلى ذلك، بلغ عدد الناخبين الذين أدوا أصواتهم حتى السادسة مساءً 1.75 مليون ناخب، مقارنة بـ1.15 مليون فقط في نهاية الانتخابات البلدية السابقة عام 2021.
وأدلى ممداني بصوته برفقة زوجته راما دوجي في مركز تصويت داخل مبنى بلدي في حي أستوريا الشعبي بمقاطعة كوينز، معقله الانتخابي.
وقال أمام الصحفيين: “نحن على وشك أن نصنع التاريخ (…) وأن نودّع سياسة الماضي”.
أما أندرو كومو، فقال: “إذا أصبح زهران ممداني رئيس بلدية نيويورك، سيقضي عليه ترامب بسرعة”.
وفي مناسبات متعددة، تعهد الرئيس الجمهوري بتعطيل حملة المرشح الديمقراطي الشاب إذا فاز، عبر رفض تقديم بعض الدعم الفيدرالي للمدينة.
لكن حتى داخل حزبه، لم يكن هناك توافق كامل على دعم المرشح، إذ امتنع العديد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك زعيم الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، عن الإعلان الصريح عن تأييدهم، وكان القلة الذين أعلنوا ذلك حذرين جداً.
وفي نيوجيرسي، الولاية المجاورة لنيويورك، انتخب السكان الديمقراطية ميكي شيريل حاكمة جديدة لها.
وكانت الولاية معقلاً ديمقراطياً خلال العقد الأخير، لكن في الانتخابات الرئاسية السابقة، نجح دونالد ترامب في تقليص الفجوة بشكل كبير.
كما اختارت ولاية فيرجينيا أول حاكمة لها، وهي الديمقراطية أبيغيل سبانبرغر، العاملة السابقة في الوكالة المركزية للاستخبارات، بعد تفوقها على الجمهورية وينسوم إيرل-سيرز، الجندية السابقة في مشاة البحرية.
لكن ترامب اعتبر الثلاثاء على “تروث سوشيال” أن الخسائر الانتخابية التي لحق بها حزبه في العديد من السباقات المحلية ناتجة عن الإغلاق الحكومي الأطول في التاريخ.
وكتب مبرراً هزائم الجمهوريين في الانتخابات المحلية: “لم يكن ترامب على ورقة الاقتراع، والإغلاق الحكومي هما السببان وراء خسارة الجمهوريين الانتخابات الليلة، وفقا لخبراء استطلاعات الرأي”.
من جانبه، رحب زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز على “إكس” بفوز ممداني، قائلاً: “لقد عاد الحزب الديمقراطي”.
وفي الجانب الآخر من البلاد، صوت سكان كاليفورنيا لإعادة رسم الخريطة الانتخابية لصالح الحزب الديمقراطي، ردّاً على مبادرة مشابهة أطلقها ترامب في تكساس.
