الأحد, يوليو 20, 2025
الرئيسيةالثقافة والمجتمع"سوبرمان" بين الخيال وواقع غزة.. لماذا أثار كل هذا الجدل؟3

“سوبرمان” بين الخيال وواقع غزة.. لماذا أثار كل هذا الجدل؟3

أطلق المخرج جيمس غن فيلمه الجديد “سوبرمان” في يوليو 2025 وسط عاصفة من الجدل السياسي والإعلامي، حيث يرى كثيرون أن أحداث الفيلم تحمل إسقاطات واضحة على واقع الحرب في غزة. فقد صوّر العمل دولة خيالية تُدعى بورافيا تشن هجومًا عسكريًا على جارتها الفقيرة جهرانبور، وهو ما اعتبره بعض النقاد إشارة ضمنية إلى الاحتلال الإسرائيلي وممارساته ضد الفلسطينيين.

وصرّح جيمس غن بأن شخصية “سوبرمان” في هذا الفيلم تمثل “مهاجرًا”، وهو ما أثار انتقادات من أوساط اليمين الأميركي، معتبرين أن الفيلم يُحمّل الشخصية أبعادًا أيديولوجية لا تتوافق مع القيم الأميركية التقليدية. من بين أبرز المنتقدين، ديان كين (Dean Cain) وكيلان كونواي على شبكة “فوكس نيوز”، اللذين وصفا الربط بين سوبرمان والهجرة بأنه مبالغة أيديولوجية غير مقبولة.

الرمزية السياسية في الفيلم
يرى عدد من المراقبين أن الفيلم يتضمن رسائل سياسية غير مباشرة حول الحرب في غزة، حيث تظهر دولة بورافيا –وهي حليفة للولايات المتحدة في القصة– بمظهر الاحتلال، بينما يعيش سكان جهرانبور في حصار خانق خلف جدار حدودي محكم. وقد نفى غن هذه التأويلات رسميًا، مؤكدًا أن القصة “خيالية تمامًا”، قائلاً:
“عندما كتبت هذا، لم يكن الصراع في الشرق الأوسط قائمًا. حاولت أن أبعد الأحداث عن ذلك، لكن القصة خيالية بالكامل؛ هي عن غزو دولة قوية يحكمها طاغية لدولة أخرى ‘مشكلة سياسيًا’ لا تملك دفاعًا. ليس لها أي علاقة بالشرق الأوسط”.

البعد الإنساني في سوبرمان
يشدد غن على أن الفيلم يناقش في جوهره قضايا “السياسة” و”الأخلاق”، ويقدّم سوبرمان كبطل مهاجر يسعى لإنقاذ الأبرياء بعيدًا عن أي ولاءات وطنية أو عرقية.
وفي السياق البصري، اعتمد غن على رمزية قوية تعكس طبيعة الصراع: فبورافيا مسلحة بدبابات وطائرات مسيّرة، في حين أن سكان جهرانبور لا يملكون سوى العصي والحجارة، ويرفعون رايات محلية تحمل شعار سوبرمان أملاً بالحماية.

أسلوب التصوير
تميّز الفيلم بتصوير سينمائي مليء بالألوان الزاهية التي تعكس الأمل، مثل الأزرق والأحمر في زي سوبرمان، إلى جانب إضاءة مشمسة متفائلة. واعتبرت صحيفة “نيويوركر” أن رؤية غن تختلف عن الأجزاء السابقة للسلسلة، ووصفتها بأنها “مشرقة ومتفائلة وعاطفية”، ما يمنح الفيلم بُعدًا إنسانيًا رغم سوداوية الأحداث الواقعية التي يلمح إليها.

مشاهد تذكّر بغزة
توقف كثير من النقاد والجماهير عند مشاهد الحصار والحدود، حيث يقف سكان جهرانبور العزّل خلف أسوار عالية في مواجهة قصف بورافيا، وهي صور أعادت للأذهان مسيرات العودة الكبرى في غزة عام 2018، بالإضافة إلى مشاهد القصف والاعتقالات الجماعية التي عكست واقع الحصار المفروض على القطاع.

ردود الأفعال السياسية
رغم تصريحات غن بأن الفيلم غير مرتبط بالأحداث في الشرق الأوسط، إلا أن موجة الجدل لم تهدأ. على اليسار الأميركي، وصف الناشط حسن بيكر الفيلم بأنه “إدانة مباشرة لإسرائيل”، بينما اعتبر المعلق اليميني بن شابيرو أن الربط بين الفيلم وغزة مجرد “تأويلات يسارية” غير صحيحة. وقد ردت القنصلية الإسرائيلية في لوس أنجلوس بحملات دعائية تُبرز جنودها على أنهم “الأبطال الحقيقيون”، مستخدمة هاشتاغات مثل #RealHeroes، وهو ما قوبل بسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.

تفاعل الجماهير
انقسمت آراء الجمهور بين من رأى في الفيلم دعمًا واضحًا لفلسطين، واعتبره “أكثر الأفلام الهوليوودية تعاطفًا مع غزة”، وبين من رأى أنه مجرد عمل خيالي لا يجب تحميله مواقف سياسية. واشتعلت النقاشات على منصات مثل تويتر وريدت بين مؤيدي إسرائيل ومعارضيها، ما زاد من انتشار الفيلم والجدل حوله.

السينما كمرآة للواقع
يشير محللون إلى أن فيلم “سوبرمان” يعكس التوتر بين الخيال السينمائي والواقع السياسي، ويطرح تساؤلات عن دور الأبطال الخارقين في مواجهة الظلم. ويؤكد غن أنه ركّز على “رحمة سوبرمان وتعاطفه مع الضعفاء”، دون أن ينحاز لطرف محدد، لكن الجمهور فسّر الرموز بطريقته الخاصة، خاصة في ظل الأوضاع السياسية الحالية.

الخلاصة
أثار فيلم “سوبرمان” نقاشًا عالميًا حول قدرة السينما على تناول القضايا الإنسانية والسياسية حتى من دون قصد، حيث بات الفيلم في نظر الكثيرين مرآة للصراعات الواقعية. ورغم تأكيد صُنّاعه أنه عمل خيالي، إلا أن الجمهور وجد فيه انعكاسًا للواقع المعاصر، خصوصًا لما يجري في غزة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات