عمر دامرة – يُجسد كتاب “على العهد”، الصادر حديثًا للمصور الشخصي لجلالة الملك عبدالله الثاني، يوسف العلان، سردًا بصريًا متقنًا لمسيرة ملكية تمتد على مدى أكثر من 23 عامًا. يقدم الكتاب توثيقًا غير مسبوق للجوانب الإنسانية والعروبية في شخصية جلالة الملك، ويعرض لحظات عفوية بينه وبين أبناء شعبه، تُظهر العلاقة النبيلة والعميقة التي تجمع القائد الهاشمي بالمواطن الأردني في كل مكان.
لا يقتصر الكتاب على توثيق الزيارات الرسمية، بل يمتد إلى التقاط لحظات دافئة وواقعية، من القرى والبوادي والمخيمات، إلى زيارات جلالته لرفاق السلاح في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، واجتماعاته مع رؤساء الحكومات، في سعيه الدائم لتعزيز الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويبرز الكتاب عبر مئات الصور – العديد منها يُنشر لأول مرة – ملامح الإنجاز والتحدي في حياة جلالة الملك، وكيف واجهت المملكة بفضل حكمته تحديات إقليمية ودولية معقدة. ويُبرز دور الأردن، بقيادة جلالته، في الدفاع عن قضايا الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث كان صوت الملك الأكثر حضورًا وتأثيرًا في المحافل الدولية.
الصورة بديلاً عن الخطاب
ينجح يوسف العلان بعدسته في تقديم مشاهد تختزل آلاف الكلمات: الملك وهو يربت على كتف طفل، أو يصغي لأم في قرية نائية، أو يزرع الأمل في عيون شباب يخطون طريقهم للمستقبل. كل صورة تؤكد أن القرب من الناس، وتفهم معاناتهم، هو جوهر القيادة الهاشمية.
كما يضيء الكتاب على العلاقة الوثيقة التي تربط جلالته بعائلته، لا سيما بولي العهد، سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ما يعكس استمرارية القيم الهاشمية ومكانة الأسرة الملكية في وجدان الأردنيين.
سيرة عدسة وشاهد على الوطن
يروي العلان رحلته المهنية التي التقط خلالها أكثر من مليوني صورة، شاهدة على تفاصيل محطات الإصلاح والنهضة في قطاعات التعليم، الصحة، الاقتصاد، الثقافة، والسياسة، إضافة إلى دعم الشباب والمرأة والمجتمع المدني.
ويُعد الكتاب توثيقًا صادقًا لمواقف إنسانية نادرة، تظهر اهتمام جلالة الملك بالفئات الأقل حظًا، وحرصه على تأمين حياة كريمة لذوي الإعاقة والمحتاجين والمرضى، مما يجعله سجلًا نابضًا بتفاصيل إنسانية قلما وثقتها الكاميرا بهذا العمق.
قيمة فنية وتاريخية للأجيال
يمثل “على العهد” إضافة نوعية للموروث الإعلامي الأردني، من خلال الدمج بين التصوير الاحترافي والسرد العاطفي. كما يُعتبر مرجعًا بصريًا للأجيال القادمة، لفهم مرحلة تاريخية مفصلية، تسلّح فيها الأردنيون بالإرادة والعزيمة لتجاوز الأزمات، بقيادة هاشمية ثابتة.
خاتمة حافلة بالمعاني
وفي خاتمة الكتاب، يروي العلان اللحظة التي ختمت رحلته، حين قال له جلالة الملك: “يوسف، لازم تعرف إنك صديق، ولست موظفًا فقط.”، في جملة تختصر فلسفة القيادة الهاشمية التي ترى في العاملين معها شركاء في المسيرة، لا مجرد موظفين.
الوزير والسفير السابق أمجد العضايلة، الذي كتب مقدمة الكتاب، وصفه بأنه “رحلة بصرية توثق إنجازات اليوبيل الفضي لعهد الملك عبدالله الثاني، وتفتح نوافذ مشرقة على ذاكرة وطن”. ففصوله: “بين الخاص والعام”، “مع رفاق السلاح”، “عميد آل البيت”، “مع رؤساء الحكومات”، و”الحضور العربي والدولي”، ليست فقط عناوين، بل محطات توثق لحظات متجذرة في وجدان الوطن.
إن “على العهد” ليس كتاب صور فحسب، بل شهادة بصرية حيّة على عظمة الإنجاز ودفء القيادة، وهدية للأجيال القادمة لتبقى ذاكرة الوطن حية، ونموذج العطاء الهاشمي حاضرًا في كل بيت وقلب أردني.
