مع تصاعد التحديات في بيئة العمل الحديثة، والتي تشمل التطورات التكنولوجية المتسارعة، وانعدام الأمن الوظيفي، والخوف من التهميش، بات الموظفون عرضة لمستويات متزايدة من التوتر والقلق والاكتئاب والإرهاق النفسي. وفي هذا السياق، تبرز أهمية العناية بالصحة النفسية في أماكن العمل، ليس فقط من قبل المؤسسات، بل أيضًا من قبل الأفراد أنفسهم.
وكشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Work & Stress أن أحد العوامل الفعالة في تخفيف الأعباء النفسية وتحقيق تجربة عمل أكثر إيجابية يتمثل في الحصول على التقدير من الزملاء.
وأوضحت الدراسة أن الموظفين كثيرًا ما يختبرون مشاعر المرارة كرد فعل على مواقف يُنظر إليها على أنها غير عادلة. وتعد المرارة حالة عاطفية تتكون من مزيج من الخيبة، والإهانة، والرغبة في الانتقام، والشعور بالعجز، وتظهر غالبًا عند انتهاك مبادئ العدالة في العمل.
وبيّن الباحثون أن المهام غير المعقولة أو غير الضرورية – ككتابة تقارير لا يُستفاد منها، أو أداء مهام لا تتناسب مع الدور الوظيفي – تثير مشاعر سلبية عميقة، تؤثر على التوازن النفسي للموظف.
جورج ميكايليدس، المؤلف المشارك في الدراسة، أشار إلى أن التقدير في العمل يمثل أداة فعالة في تعزيز الصحة النفسية، إذ يساعد في التخفيف من أثر توزيع المهام الظالم أو غير المبرر، ويعزز الشعور بالعدالة والانتماء.
وشملت الدراسة 71 موظفًا تم تتبع تجاربهم اليومية على مدار خمسة أيام عمل، وتوصل الباحثون إلى وجود ارتباط واضح بين تقييمهم للمهام التي يؤدونها وشعورهم بالضغط أو الاستقرار النفسي.
ثلاث خطوات لتعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل:
- الحد من المهام غير الضرورية: تقليص الأعباء غير المجدية التي تُرهق الموظف دون قيمة مضافة.
- تعزيز ثقافة التقدير: دعم العلاقات الإيجابية بين الزملاء والمشرفين، من خلال الاعتراف بجهود الآخرين.
- نشر ثقافة الامتنان: ترسيخ بيئة عمل تشجع على المرونة العاطفية وتعزز قدرة الموظفين على التعافي بعد يوم مرهق.
وتسلط الدراسة الضوء على أن بيئة العمل الصحية لا تتطلب فقط موارد مادية أو تنظيمية، بل تعتمد بدرجة كبيرة على الجانب الإنساني والعاطفي، الذي يشمل العدالة، والاحترام، والدعم المتبادل.
