صدر عن منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة عمل ضمن سلسلة “بإيجاز” تحمل عنوان “الأصول غير الملموسة: بين فخ القدرات وفرص التحول”، حيث ركزت على مفهوم “الأصول غير الملموسة” وعلى بعض الملاحظات المتعلقة بتقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) المعنون “أبرز الاتجاهات العالمية للاستثمار في الأصول غير الملموسة 2025”.
وأوضح المنتدى في الورقة أن هذه الأصول غير الملموسة تشمل العناصر غير المادية مثل الأفكار الإبداعية، والاختراعات، والمهارات المكتسبة، والسمعة التجارية.
وتشمل هذه الأصول أشكالاً متنوعة من حقوق الملكية الفكرية، مثل براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والهوية البصرية، والتصاميم الصناعية، وحقوق النشر، والأسرار التجارية، والتطبيقات البرمجية، بالإضافة إلى العديد من الجوانب الأخرى.
وأبرز المنتدى أن تحديد قيمة هذه الأصول غير الملموسة يُعد أمراً معقداً مقارنة بالأصول المادية الملموسة كالمباني والمعدات، لكن أهميتها لا تقل عنها بأي حال، إذ تعتبر هذه الأصول دافعاً رئيسياً في مجال الأعمال والاقتصاد، من خلال زيادة القيمة المضافة، ودعم الابتكار، وتعزيز القدرة التنافسية، مما يساهم في دفع النمو الاقتصادي المستدام.
واستعرض المنتدى في الورقة بعض النتائج الرئيسية من تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) حول “أبرز الاتجاهات العالمية للاستثمار في الأصول غير الملموسة 2025″، الذي غطى 26 اقتصاداً، غالبيتها اقتصادات متقدمة تمثل نحو 52% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مشدداً على أن حجم الاستثمارات في “الأصول غير الملموسة” قد تجاوز الاستثمارات في “الأصول الملموسة” بشكل مستمر منذ عام 1995.
وأفادت الورقة بأن نسبة الاستثمارات في “الأصول غير الملموسة” من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ارتقت من 10.3% في عام 1995 إلى 13.6% في عام 2024، متفوقة على نسبة الأصول الملموسة التي سجلت 11.1% في عام 2024.
وأشار المنتدى في ورقته إلى أن القيمة الإجمالية العالمية للأصول غير الملموسة تُقدر بحوالي 79.4 تريليون دولار، مع ملاحظة أن 79% من هذه القيمة المقدرة لا تظهر في البيانات المالية للشركات، وفقاً لتقرير مؤشر التمويل غير الملموس العالمي 2024 (GIFT) الصادر عن براند فايننس (Brand Finance).
كما لفت المنتدى إلى أن “رغم الدور الفعال لهذه الأصول غير الملموسة في تعزيز ودفع الاقتصادات، إلا أنها ما زالت غير مدرجة أو مقيسة بشكل كافٍ في الإحصاءات الرسمية. فإن قياسها يُعد خطوة حاسمة لفهم طبيعتها وحجمها وتأثيرها على النمو، مما يمكّن صانعي القرار من وضع السياسات المناسبة وتوجيهها بفعالية”.
وفي الجانب الآخر، أكد المنتدى أن تجاهل حساب هذه الأصول أو عدم قياسها بدقة سيؤدي إلى انخفاض كفاءة توزيع الموارد، وتقلص مستويات الاستثمار، مما يؤثر سلباً على جودة السياسات والقرارات.
وأضاف المنتدى أن الأصول غير الملموسة تُشكل دافعاً رئيسياً للابتكار، ورفع الكفاءة والقدرة التنافسية للاقتصادات، وهي أقل عرضة للتقليد مقارنة بالأصول الملموسة، رغم إمكانية انتشارها الواسع، وتأثيرها التراكمي الإيجابي على أداء الشركات المالكة لها.
وختم المنتدى ورقته بالتأكيد على أن معظم الدول النامية تواجه خطر الوقوع في “فخ القدرات”، وهو حالة من الركود في القدرات المعرفية والتكنولوجية، حيث تفشل في الانتقال إلى أنشطة عالية القيمة المضافة تعتمد على الجودة والابتكار.
وللالتفاف حول هذا الفخ، نصح المنتدى بالسعي لتحسين مستوى التعليم وزيادة جودته (خاصة التعليم العالي والفني)، وتطوير البنية التحتية الرقمية والتشريعات الداعمة، وتشجيع الابتكار، والمشاركة الفعالة في سلاسل القيمة العالمية، إلى جانب دفع مشاركة المهاجرين في نقل الخبرات وبناء القدرات المحلية.
