السبت, نوفمبر 22, 2025
الرئيسيةأخبار الأردنهل يمكن للأردن تحويل أزمة المياه إلى فرصة اقتصادية مستدامة؟

هل يمكن للأردن تحويل أزمة المياه إلى فرصة اقتصادية مستدامة؟

نعم، يمكن للأردن بالفعل تحويل أزمة المياه المتفاقمة إلى فرصة اقتصادية مستدامة، من خلال اعتماد نموذج الاقتصاد الدائري في إدارة مياه الصرف الصحي المعالجة. هذا النهج يحول المرافق التقليدية من مجرد مراكز معالجة إلى منصات إنتاجية تولد قيمة مضافة، مثل الطاقة والسماد والمواد الخام، مما يقلل الاعتماد على الموارد الخارجية ويعزز الأمن المائي والطاقي. وفقًا للإستراتيجية الوطنية للمياه (2023-2040)، فإن الأردن ينتج نحو 200 مليون متر مكعب سنويًا من المياه المعالجة، معظمها (90%) يُستخدم في الري والصناعة، و100 ألف طن من الحمأة التي يمكن تحويلها إلى موارد اقتصادية. ومع ذلك، يتطلب ذلك التغلب على تحديات تقنية واقتصادية وتنظيمية لتحقيق الاستدامة الكاملة.

الواقع الحالي: أزمة مائية تُفرض تحولًا إلزاميًا

يُعد الأردن من أكثر الدول عرضة لأزمة المياه، حيث يبلغ الفرد المتوسط 100 متر مكعب سنويًا فقط (مقابل 1500 في ألمانيا)، ومن المتوقع انخفاضه إلى 91 متر مكعب بحلول 2025 بسبب النمو السكاني والتغير المناخي. التحديات تشمل التبخر المتزايد، تلوث الأنهار (مثل نهر الزرقاء)، وفقدان 50% من المياه بسبب التسريبات. هذا الواقع دفع الحكومة إلى الاعتماد على مصادر غير تقليدية، مثل إعادة استخدام مياه الصرف، حيث ساهمت في توفير 6.5 مليون متر مكعب إضافية سنويًا للزراعة. ومع ذلك، يظل الاستخدام محدودًا، وتُشكل الحمأة عبئًا بيئيًا إذا لم تُدار بشكل مستدام.

الفرص الاقتصادية: من النفايات إلى الموارد القيمة

يمكن تحويل مياه الصرف إلى منصات إنتاجية ضمن الاقتصاد الدائري، كما يُبرز تقرير الرابطة الدولية للمياه (IWA)، الذي يُؤكد أن هذا التحول يُغيّر مفهوم المياه من “التخلص” إلى “الإنتاج”. في الأردن، تحتوي هذه المياه على نيتروجين، فوسفور، بوتاسيوم، ومواد عضوية، مما يفتح أبوابًا لـ:

  • إنتاج الطاقة: عبر الهضم اللاهوائي (Anaerobic Digestion) لإنتاج غاز الميثان، الذي يُشغّل الكهرباء أو يُستخدم كوقود. في محطة الخربة السمراء، يُغطي هذا 35% من احتياجات الطاقة، مُخفّضًا الانبعاثات الكربونية.
  • استعادة المواد: تحويل الحمأة إلى سماد عضوي أو فحم حيوي عبر التحليل الحراري، مُحسّنًا خصوبة التربة ومُقلّلًا الاعتماد على الأسمدة المستوردة.
  • إعادة الاستخدام: توسيع استخدام المياه المعالجة في الزراعة (مثل الأغوار) والصناعة، مُوفّرًا مياهًا عذبة للشرب. مشروع ReWater MENA يُقدّر توفير 10 مليون متر مكعب في وادي الأردن الشمالي عبر نماذج إعادة استخدام.

هذه الفرص تُعزّز الاقتصاد من خلال خلق فرص عمل خضراء، تقليل تكاليف الطاقة (التي تُشكّل عبئًا في تشغيل المحطات)، وجذب استثمارات أجنبية، كما في مشروع محطة العقبة (40 ألف متر مكعب/يوم) الذي يدمج الطاقة المتجددة.

التحديات: تقنية واقتصادية وتنظيمية

رغم الإمكانيات، يواجه التحول عقبات:

التحديالتفاصيلالحلول المقترحة
تقنيةتقادم المحطات (31 محطة فقط) ونقص الخبرات في تقنيات مثل الهضم اللاهوائي.تدريب محلي وشراكات مع المانيا/الولايات المتحدة (مثل USAID).
اقتصاديةارتفاع التكاليف الأولية وضعف الحوافز للمستثمرين.دعم حكومي وشراكات عام-خاص (PPP)، كما في محطة السمراء.
تنظيميةغياب تشريعات واضحة لتداول المنتجات الثانوية وضعف الوعي العام.إطار وطني للاقتصاد الدائري، حملات توعية، وتنسيق بين الوزارات.

الخاتمة: خطوات نحو الاستدامة

الأردن لديه أساس قوي مع الإستراتيجية الوطنية 2023-2040، التي تُركّز على كفاءة المعالجة وإدارة الحمأة، ومشاريع مثل محطة “زي” كنماذج ناجحة. بتبني الشراكات (مثل مع FAO في مخيم الزعتري لإنتاج غاز حيوي وسماد)، واستثمار في تقنيات مستدامة، يمكن تحويل الأزمة إلى محرك نمو يُسهم في الأمن الغذائي والطاقي، ويُحقّق أهداف التنمية المستدامة. الخطوة الأولى: توسيع الشراكات العام-الخاص وتدريب الكوادر لتحقيق جدوى اقتصادية فورية.

Omar Al-Zoubi
Omar Al-Zoubi
عمر الزعبي صحفي ومحلل أخبار، يتمتع بخبرة تزيد عن عشر سنوات في العمل مع مؤسسات إعلامية بارزة داخل الأردن وخارجه. يقدم تحليلات معمقة وتقارير ميدانية وصحافة استقصائية تغطي الأخبار الأردنية والأحداث العالمية في مختلف المجالات، مما يعزز مكانة jodaily.com.
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة

احدث التعليقات