يصادف هذا العام مرور سبعة عقود على انضمام المملكة الأردنية الهاشمية إلى منظمة الأمم المتحدة، وهو حدث شكّل علامة فارقة في مسيرة الدولة الحديثة منذ تأسيسها عام 1946، ليصبح الأردن لاعبًا أساسيًا في المنظومة الدولية، مدافعًا عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وشريكًا موثوقًا في تعزيز السلم والأمن الدوليين.
الانضمام وبداية الدور الأممي
في 14 كانون الأول/ديسمبر 1955، أصبح الأردن عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة بعد جهود دبلوماسية قادها الملك الراحل الحسين بن طلال، الذي نجح في كسب الدعم العربي والدولي. ولم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى أعلن الحسين عام 1956 قرار تعريب قيادة الجيش العربي، في خطوة جسدت السيادة الوطنية وارتباطها بالشرعية الأممية.
حضور ملكي مؤثر في الأمم المتحدة
منذ اعتلاء الملك عبدالله الثاني العرش عام 1999، اعتاد على المشاركة بانتظام في اجتماعات الجمعية العامة، وغالبًا ما يكون من أوائل الزعماء العرب الذين يلقون كلماتهم.
- ركّز جلالته بشكل خاص على القضية الفلسطينية، مؤكداً أنه لا أمن ولا استقرار في الشرق الأوسط من دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
- دعا باستمرار لدعم وكالة الأونروا وحماية الوضع القانوني والتاريخي للقدس في ظل الوصاية الهاشمية.
قضايا اللاجئين والسلام العالمي
خطابات الملك شملت أيضًا قضايا إنسانية أخرى:
- نداءات متكررة لتقاسم أعباء استضافة اللاجئين السوريين.
- تقديم الأردن كنموذج للدول التي توظف شراكاتها مع الأمم المتحدة لتحويل التحديات الإنسانية إلى فرص تنموية.
- التأكيد على أن مكافحة الإرهاب ترتبط بتعزيز العدالة والكرامة وحقوق الإنسان، وإبراز مبادرات أردنية مثل أسبوع الوئام بين الأديان.
أدوار قيادية أردنية في المنظمة
شارك الأردن بفاعلية داخل المنظومة الأممية:
- شغل مقعدًا غير دائم في مجلس الأمن ثلاث مرات (1965–1966، 1982–1983، 2014–2015).
- تولّى الأمير زيد بن رعد منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان (2014–2018).
- قدّمت الدبلوماسية الأردنية جهودًا بارزة في الجمعية العامة واليونسكو لحماية التراث في القدس.
- في عام 2021، عُيّنت سيما بحوث مديرة تنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women)، كأول أردنية تتبوأ هذا المنصب الأممي الرفيع.
الأردن في عمليات حفظ السلام
منذ عام 1961، أصبح الأردن أحد أكبر المساهمين في عمليات حفظ السلام الدولية، حيث أرسل قوات عسكرية ووحدات شرطة إلى بعثات حول العالم. كما أسهمت مستشفياته الميدانية في علاج أكثر من 4 ملايين شخص بمناطق النزاع. وقدّم الأردن خلال هذه المشاركة العشرات من الشهداء، تأكيدًا لالتزامه بمبادئ الأمم المتحدة.
دعم القضية الفلسطينية
على مدى سبعين عامًا، ظلت فلسطين جوهر الموقف الأردني داخل الأمم المتحدة. كرّس الأردن جهوده للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وحماية دور وكالة “الأونروا” التي يستفيد منها ملايين اللاجئين، إلى جانب التمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس.
الريادة في قضايا الشباب وحقوق الإنسان
- أطلق الأردن عام 2010 مبادرة أسبوع الوئام بين الأديان التي اعتمدتها الجمعية العامة كحدث عالمي سنوي.
- قاد الأردن عام 2015 تبني القرار 2250 حول الشباب والسلم والأمن، ليصبح أول قرار يعترف بالدور المحوري للشباب في بناء السلام.
صوت إنساني وشراكات أممية
الأردن يُعد من أبرز الدول المستضيفة للاجئين نسبةً إلى عدد السكان، حيث استقبل موجات لجوء من فلسطين والعراق وسوريا. بالتعاون مع الأمم المتحدة، أطلق خطة الاستجابة للأزمة السورية كنموذج عالمي يدمج بين المساعدات الإنسانية والتنمية المستدامة.
كما يحتضن الأردن اليوم 10 مكاتب إقليمية للأمم المتحدة ويضم الفريق القطري 19 وكالة وبرنامجًا وصندوقًا أمميًا، مما يعكس مكانته كمركز إقليمي للعمل الدولي.