الأحد, مايو 25, 2025
الرئيسيةالتعليمالذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم في الأردن: تحديات وطنية وصناعة المستقبل

الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم في الأردن: تحديات وطنية وصناعة المستقبل

يشهد التعليم في الأردن نقطة تحول تاريخية مع التوسع العالمي في تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى المملكة إلى مواءمة هذا التغير عبر استراتيجيات وطنية تهدف إلى تحديث المنظومة التعليمية وإعادة رسم ملامحها بما يتوافق مع متطلبات المستقبل الرقمي.

استراتيجية وطنية طموحة

في عام 2023، أطلقت الحكومة الأردنية الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2023–2027، سعيًا لتحويل الأردن إلى مركز إقليمي ريادي في هذا المجال. وتتضمن الاستراتيجية 68 مشروعًا موزعة على خمسة أهداف رئيسية، تُعنى ببناء منظومة وطنية متكاملة تدعم الذكاء الاصطناعي، وعلى رأس أولوياتها قطاع التعليم، الذي يُعد ركيزة أساسية في عملية التحول الرقمي.

جلسات حوارية ومبادرات تعليمية

ضمن جهود تنفيذ الاستراتيجية، عقدت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم جلسة حوارية في مجمع الملك حسين للأعمال، جمعت ممثلين عن شركات عاملة في الذكاء الاصطناعي بالقطاع التعليمي. تم خلالها مناقشة الفرص والتحديات المرتبطة بدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، مع التركيز على:

  • دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في المناهج الدراسية منذ المراحل المبكرة.
  • إطلاق برامج تدريبية متخصصة للمعلمين تتيح لهم تبني أساليب تدريس مبتكرة.
  • توفير بنية تحتية رقمية تشمل مختبرات افتراضية، وحواسيب حديثة، وبرمجيات تعليمية تفاعلية.
  • تنظيم حملات توعوية لأولياء الأمور والمجتمع لتعزيز فهمهم لاستخدامات الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.

شراكات متعددة وتحديات تقنية

أكدت الجهات المعنية على ضرورة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لدعم استخدام الأدوات الرقمية في المدارس، سواء بتوفير المعدات أو تطوير المبادرات التربوية. كما تم التطرق إلى التحديات التقنية والأخلاقية، وأبرزها:

  • ضمان حماية الخصوصية الرقمية للطلاب عند استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
  • تطوير نماذج لغوية ترتكز على اللغة العربية وتعكس القيم المحلية.
  • رقمنة المحتوى العربي لتعزيز فعالية استخدام الذكاء الاصطناعي في البيئة التعليمية.

من التدريب إلى التمكين

دعت المبادرات إلى الانتقال من مفهوم “تدريب المعلمين” إلى “تمكينهم” ودمجهم في صياغة الرؤية التعليمية المستقبلية، بحيث لا يكون الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية، بل وسيلة لبناء بيئة تعليمية أكثر فاعلية وابتكارًا.

كما أوصت الجهات المختصة بضرورة وضع معايير وطنية صارمة لتنظيم استخدام الأدوات التكنولوجية المجانية، وأن يتولى خبراء التربية تصميم ضوابط تحمي المنظومة التعليمية من الاستخدام غير المسؤول، مع التأكيد على التدرج في دمج الذكاء الاصطناعي بالمناهج لضمان بناء وعي رقمي متين لدى الطلبة.

رؤية وطنية للتغيير

ما يتبلور أمامنا هو تحول مفصلي في التعليم الأردني، يتطلب تكاملًا وطنيًا عابرًا للمؤسسات، يُوازن بين الطموح التكنولوجي والاعتبارات التربوية والثقافية. الذكاء الاصطناعي، وإن كان قوة تقنية، فإنه في جوهره أداة لصناعة الإنسان القادر على الإبداع والمشاركة في التنمية.

الرهان الحقيقي لا يجب أن يكون على التقنيات بحد ذاتها، بل على المعلم والمتعلم والأسرة والمجتمع، وقدرتهم على التكيّف والمشاركة في بناء منظومة تعليمية رقمية، قائمة على الهوية والانفتاح معًا.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات