السبت, يونيو 21, 2025
الرئيسيةأخبار الأردنالري التكميلي للزيتون البعلي ضرورة ملحة لمواجهة تداعيات المناخ وضمان استدامة الإنتاج

الري التكميلي للزيتون البعلي ضرورة ملحة لمواجهة تداعيات المناخ وضمان استدامة الإنتاج

مع استمرار شح الأمطار الذي شهده الأردن خلال الموسم الحالي، والذي يُعزى إلى التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية، يرى خبراء زراعيون أن الري التكميلي بات ضرورة حتمية لإنقاذ أشجار الزيتون البعلية. ويؤكد الخبراء أن هذه الأشجار تمثل جزءًا أساسيًا من الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي، ما يجعل الحفاظ على إنتاجيتها واستدامتها أمرًا لا يحتمل التأجيل.

وفي تصريحات لـ”الغد”، شدد متخصصون على أن الري التكميلي يُعد أحد الحلول الأكثر فعالية لمواجهة الجفاف، إذ أظهرت الدراسات أن تزويد الأشجار بكميات محدودة من المياه، خصوصًا خلال أشهر الصيف، يمكن أن يرفع الإنتاج بنسبة تصل إلى 50%، مع تحسين نوعية الزيت المستخرج. كما دعوا إلى تنفيذ برامج وطنية تدعم هذا النهج، من خلال إنشاء حفائر وخزانات مائية، وتوفير أنظمة ري منخفضة الكلفة مثل الري بالتنقيط، إلى جانب برامج إرشاد وتدريب للمزارعين. واقترحوا ربط الدعم الزراعي مستقبلًا بتطبيق هذا النوع من الري الذكي لزيادة الكفاءة وضمان استدامة الموارد.

من جانبه، أشار خبير الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي إلى أن الزيتون يُعد من أهم المحاصيل في الأردن من حيث الانتشار والقيمة الاقتصادية والاجتماعية. ولفت إلى أن أشجار الزيتون تغطي نحو 39% من المساحة الزراعية وتشكل قرابة 75% من بساتين الأشجار المثمرة، مما يجعلها الشجرة الأكثر حضورًا في القطاع الزراعي. وبلغ إنتاج الزيتون في عام 2023 نحو 309 آلاف طن، يُحول منها ما نسبته 86% إلى زيت، في حين يُستخدم الباقي للتخليل. وتركز الإنتاج في محافظات مثل إربد والمفرق والعاصمة وجرش، بينما تظل ظاهرة “المعاومة” أحد أبرز أسباب تذبذب كميات الإنتاج من عام لآخر.

وأوضح الزعبي أن لقطاع الزيتون أثرًا مباشرًا على الاقتصاد الوطني، ليس فقط عبر مساهمته في الناتج المحلي الزراعي، بل أيضًا من خلال توفير آلاف فرص العمل في المناطق الريفية، وتنشيط قطاعات مثل الصناعات الغذائية. كما أشار إلى دور هذا القطاع في استثمار الأراضي الوعرة والمنحدرة التي لا تناسب غيره من المحاصيل. وأضاف أن الزيتون يمثل عنصرًا غذائيًا أساسيًا في حياة الأسر الريفية، ومصدرًا للدهون الصحية والعناصر الغذائية، إلى جانب دوره في تعزيز نمط العمل العائلي.

وأشار إلى أن الأردن يضم حاليًا 147 معصرة زيتون، معظمها تعتمد تقنيات حديثة، إلا أن سلاسل الإنتاج ما تزال تواجه تحديات فنية واقتصادية وتشريعية تؤثر على القيمة المضافة. ومع التغيرات المناخية وازدياد تكرار مواسم الجفاف، سجلت مناطق الزراعة البعلية تراجعًا واضحًا في الإنتاجية، حيث تمثل هذه المناطق حوالي 75% من إجمالي المساحة المزروعة بالزيتون، ما يجعلها الأكثر تضررًا من ظاهرة التغير المناخي. وأكد الزعبي مجددًا أهمية الري التكميلي كأداة للحد من خسائر “المعاومة” وتحسين جودة الإنتاج واستقراره، داعيًا إلى دعم المزارعين، خصوصًا الصغار منهم، بالتمويل والإرشاد وتوفير أنظمة ري مناسبة.

بدوره، شدد الباحث والخبير الزراعي الدكتور حسان العسوفي على أن الري التكميلي بات ضرورة في صيف هذا العام، حيث يتراوح احتياج الأشجار بين 600 إلى 800 ملم للدونم، وهي كميات لم يتم تحقيقها خلال موسم الأمطار الحالي. ومع ارتفاع درجات الحرارة، ترتفع معدلات التبخر، مما يؤدي إلى إجهاد فسيولوجي على الأشجار يظهر في شكل تجعد للثمار، وذبول الأوراق، وضعف عام في النبات. وأوضح أن الري المنتظم سيساهم في تعزيز الرطوبة بالتربة، وتحسين امتصاص العناصر الغذائية، مما يخفف من آثار الإجهاد ويساهم في الحفاظ على الإنتاجية.

من جهته، أشار مدير عام اتحاد المزارعين، محمود العوران، إلى أن استمرار الجفاف وغياب عمليات الري في الربيع والصيف سيؤثر سلبًا على حجم وجودة محصول الزيتون، مؤكدًا أن المزارعين في مختلف المناطق مطالبون باتخاذ خطوات فورية للبدء بري الزيتون بشكل تكميلي. كما دعت نقابة أصحاب معاصر الزيتون ومنتجي الزيتون إلى تنفيذ الري التكميلي في المناطق التي يقل فيها معدل الأمطار عن 400 ملم، مشيرة إلى أن ظاهرة تجعد الثمار تُعد مؤشرًا على حاجة الأشجار للماء، وأوصت بتزويد الشجرة المنتجة بنحو لترين من الماء شهريًا، بمعدل 200 لتر تقريبًا في كل مرة خلال فصل الصيف.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات