أطلقت شركة مايكروسوفت تحذيرًا واضحًا بشأن مستقبل عدد كبير من المهن، في ظل التسارع الكبير لتقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة تلك التي تعتمد على الأعمال المكتبية.
وبحسب دراسة حديثة نُشرت مطلع يوليو/تموز، فإن سوق العمل العالمي مقبل على تحولات جذرية، بالتزامن مع تطوّر أدوات الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة.
الدراسة لا تبشر بخير بالنسبة لملايين الموظفين حول العالم، خصوصًا العاملين في وظائف تعتمد على المهارات الذهنية. فقد كشف تقرير نشره موقع Futurism – مستندًا إلى دراسة لمايكروسوفت – أن مهنًا مثل:
المترجمين
المؤرخين
كتّاب المحتوى
المؤلفين
موظفي خدمة العملاء
مندوبي المبيعات
باتت ضمن قائمة المهن الأكثر عرضة للخطر. كما أشارت الدراسة إلى احتمالية حدوث “اضطرابات عميقة” في مجالات مثل التعليم، الإرشاد، الاستشارات، والمعلومات.
واعتمدت مايكروسوفت في تحليلها على 200 ألف محادثة حقيقية مجهّلة الهوية بين المستخدمين وأداة Bing Copilot المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حيث منح الباحثون لكل مهنة درجة “قابلية للأتمتة” استنادًا إلى مدى استخدام الذكاء الاصطناعي فيها، وقدرته على تنفيذ المهام بنجاح.
مهن لا تزال آمنة من الأتمتة
في المقابل، أظهرت الدراسة أن الوظائف اليدوية والميدانية لا تزال بعيدة عن خطر الذكاء الاصطناعي، ومن بين هذه المهن:
مشغلو الآلات الثقيلة
قادة القوارب
عاملات النظافة
الميكانيكيون
أخصائيو التدليك
الغواصون
ويرجع ذلك إلى أن هذه المهن تتطلب تفاعلًا بشريًا مباشرًا، وقدرة على التقييم الفوري للمواقف، والتعامل مع متغيرات معقدة – وهي قدرات لم يبلغها الذكاء الاصطناعي بعد.
تحذير من التهويل.. واستشراف المستقبل
رغم ما كشفت عنه الدراسة، حذر الباحثون من المبالغة في تفسير النتائج، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي لا ينجز جميع مهام تلك الوظائف، وأن الاستبدال إن حدث، سيكون جزئيًا وليس كليًا.
وأوضحت مايكروسوفت أن التحوّل القادم لن يكون بإلغاء الوظائف، بل في كيفية تنفيذ المهام، مع إمكانية ظهور وظائف جديدة مرتبطة بإدارة ومراقبة هذه التحولات التقنية.
جدير بالذكر أن الدراسة ركزت فقط على أداء أداة Bing Copilot، ولم تشمل أدوات ذكاء اصطناعي أخرى أو تقييمًا شاملًا للقطاعات غير الرقمية، مما يجعل تعميم نتائجها محدودًا.
ورغم هذه القيود، تبرز الدراسة حقيقة يصعب تجاهلها: الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية مساعدة، بل عنصرًا نشطًا وربما منافسًا في مهن كانت حتى وقت قريب تُعتبر “محمية” من الأتمتة.
ومع تسارع هذا التحول، تصبح المرونة، التعليم المستمر، وإعادة التأهيل المهني من الأدوات الأساسية لضمان البقاء في سوق العمل المتغير بوتيرة غير مسبوقة.