قد تكون الصورة مألوفة: هاتف المراهق ملازمٌ ليده طوال اليوم، لكنه يلتزم الصمت فور أن يبدأ بالرنين. يتفاعل بلا انقطاع عبر التطبيقات ويجيب على عشرات الرسائل، لكنه يبتعد عن المكالمات الصوتية قدر الإمكان. هذا السلوك، الذي يثير دهشة الأجيال الأكبر، لا يعكس لا مبالاة رقمية بقدر ما يكشف تحوّلات نفسية واجتماعية عميقة لدى جيل “زد” الذي تربّى في قلب البيئة الرقمية.
لغة تواصل جديدة.. جوهرها “التحكّم”
بالنسبة لجيل “زد” (مواليد منتصف التسعينيات حتى بدايات الألفية)، لم تعد المكالمة الهاتفية القناة الافتراضية للتواصل؛ بل غدت خيارًا استثنائيًا يُلجأ إليه عند الطوارئ.
قنواتهم الطبيعية اليوم تشمل:
الرسائل النصية الفورية
المقاطع الصوتية القصيرة
محادثات التطبيقات المختلفة
الدافع المركزي وراء ذلك هو الرغبة في إحكام السيطرة على وتيرة وحدود التفاعل. فالرسائل تمنح مساحة آمنة للتفكير والصياغة والتعديل والحذف وحتى تأخير الرد. في المقابل، تفرض المكالمة استجابة فورية وعفوية، وهو ما يشكّل عبئًا نفسيًا في عالم يرزح فيه المراهقون تحت ضغط الصورة الاجتماعية والخشية من التعرّض للحكم أو سوء الفهم لحظيًا.