الإثنين, نوفمبر 24, 2025
الرئيسيةالتكنولوجياأميركا تطلق "مشروع مانهاتن" الجديد: تفاصيل مهمة Genesis للسيطرة على الذكاء الاصطناعي

أميركا تطلق “مشروع مانهاتن” الجديد: تفاصيل مهمة Genesis للسيطرة على الذكاء الاصطناعي

تتجه الأنظار نحو البيت الأبيض، حيث يضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمساته الأخيرة لإطلاق مبادرة استراتيجية كبرى تُعرف بـ “مهمة جينيسيس” (Genesis Mission). ومن المتوقع الإعلان عنها رسمياً عبر أمر تنفيذي خلال الساعات القادمة، بهدف ترسيخ الهيمنة الأميركية في قطاع الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقاً لتأكيدات صادرة عن مسؤول بوزارة الطاقة.

ووفقاً لتقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” واطّلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فقد أوضح كارل كوي، رئيس موظفي وزارة الطاقة الأميركية، الأسبوع الفائت، أن هذه الخطوة المرتقبة تبعث برسالة مفادها أن إدارة الرئيس ترامب تنظر إلى المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي بوصفها مشروعاً استراتيجياً لا يقل أهمية عن المشاريع التاريخية الكبرى مثل “مشروع مانهاتن” أو “سباق الفضاء”.

وفي تصريح مقتضب حول طبيعة المبادرة، أشار كوي إلى أن: “مهمة جينيسيس ستكون بمثابة معادلة”، ممتنعاً عن الخوض في التفاصيل الدقيقة. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن الأمر التنفيذي المرتبط بالمهمة سيوجه المختبرات الوطنية لتكثيف جهودها في تقنيات الذكاء الاصطناعي الصاعدة، مع احتمالية التوصية بتدشين شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص.

لماذا استحضار “مانهاتن” و”سباق الفضاء”؟

إن عقد مقارنة بين السباق الحالي للذكاء الاصطناعي ومحطات تاريخية مثل مشروع مانهاتن أو سباق الفضاء، يعكس رؤية الولايات المتحدة لهذا المجال باعتباره ركيزة حاسمة ومصيرية لمستقبل نفوذها العسكري، الاقتصادي، والتكنولوجي، مما يستدعي إنفاقاً واستثماراً وطنياً يضاهي تلك الحقبات:

  • مشروع مانهاتن (1942-1945): كان برنامجاً سرياً ضخماً خلال الحرب العالمية الثانية، حشدت فيه واشنطن آلاف العلماء والمهندسين لإنتاج أول قنبلة ذرية، بهدف حسم التفوق العسكري ضد ألمانيا واليابان.
  • سباق الفضاء (الخمسينيات – السبعينيات): مثّل ذروة التنافس التكنولوجي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة. بدأ بإطلاق السوفييت للقمر الصناعي “سبوتنيك” عام 1957، وردت واشنطن بإنجاز تاريخي عبر هبوط أول إنسان على سطح القمر في مهمة “أبولو 11” عام 1969.

دلالات “مهمة جينيسيس” (Genesis Mission)

تشير البيانات التي رصدها موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن “مهمة جينيسيس” تعد حجر الزاوية في استراتيجية أميركية أشمل عُرفت باسم “خطة عمل الذكاء الاصطناعي” (AI Action Plan) التي كُشف عنها في يوليو 2025. ويحمل اسم المبادرة دلالات عميقة؛ فكلمة “Genesis” تعني “التكوين” أو “البداية”، مما يرمز إلى نية واشنطن تأسيس بنية تحتية راسخة تضمن لها قيادة هذا القطاع لعقود قادمة. المبادرة حالياً في طور الإعداد النهائي، وقد تشهد النور قريباً جداً لتدشين عهد جديد من الريادة التكنولوجية.

تحرك قانوني موازٍ: مواجهة تشريعات الولايات

إلى جانب المهمة التقنية، تفيد تقارير صحفية بأن إدارة ترامب تُعدّ لإصدار أمر تنفيذي موازٍ يخول وزارة العدل مقاضاة الولايات الأميركية التي تفرض تشريعات “مبالغاً في تشددها” أو غير دستورية ضد الذكاء الاصطناعي، مع التهديد بقطع التمويل الفيدرالي عنها. وفي هذا السياق، نقلت “بلومبرغ” عن مسؤول في البيت الأبيض (رفض ذكر اسمه) قوله: “النقاش حول الأوامر التنفيذية المحتملة لا يزال في مرحلة التكهنات”، وذلك حتى صدور الإعلان الرسمي.

أبعاد الصراع الأميركي – الصيني

في إطار السباق المحموم مع بكين، حث الرئيس دونالد ترامب، يوم الثلاثاء الماضي، المشرعين الأميركيين على اعتماد “معيار فيدرالي موحد” لتنظيم الذكاء الاصطناعي، محذراً من أن التباطؤ قد يهديه تفوقاً سهلاً للصين. وتفاعلاً مع هذه الدعوة، صرح زعيم الأغلبية في مجلس النواب، الجمهوري ستيف سكاليز، لصحيفة “بانشبول نيوز”، بأن القيادات الجمهورية تبحث بجدية دمج هذا المعيار ضمن قانون “تفويض الدفاع الوطني” المقبل. يأتي هذا بعد أن عرقل مجلس الشيوخ محاولة مماثلة في ميزانية يوليو 2025، بدعوى مخاوف تتعلق بسلامة الأطفال وحقوق النشر.

وكان ترامب قد طرح في يوليو الماضي مخططاً شاملاً لسياسات الذكاء الاصطناعي، محفزاً وزارة الطاقة والمؤسسات الأخرى على الاستثمار في مختبرات تغطي مجالات الهندسة، علوم المواد، والبيولوجيا وعلم الأعصاب، بالتعاون الوثيق مع القطاع الخاص.

الركائز الاستراتيجية لمهمة Genesis

في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، يرى الكاتب والمحلل المتخصص في الذكاء الاصطناعي، ألان القارح، أن هذه المهمة ليست مجرد مشروع تقني، بل تعكس تحولاً في عقيدة الأمن القومي الأميركي، حيث بات الذكاء الاصطناعي يوازي في أهميته السلاح النووي. وعلّق القارح على وصف المسؤول الأميركي للمهمة بأنها “معادلة”، قائلاً إن ذلك يعني بناء إطار استراتيجي يعيد تعريف علاقة الدولة بالتكنولوجيا.

ووفقاً للقارح، من المتوقع أن ترتكز “مهمة جينيسيس” على ثلاثة أعمدة رئيسية:

  1. تطوير قوة حاسوبية سيادية: الاعتماد على المختبرات الوطنية لتوفير قدرات معالجة هائلة.
  2. نماذج ذكاء اصطناعي تأسيسية: دعم بناء نماذج متطورة للغاية.
  3. بيئة تنظيمية مرنة: تخفيف القيود عن عمالقة التكنولوجيا (مثل OpenAI، Meta، Alphabet، Anthropic).

ويؤكد القارح أن التوجه نحو “نموذج هجين” يجمع بين الأبحاث المدنية والعسكرية، يهدف إلى دمج القوة الحاسوبية للمختبرات الوطنية (مثل “أرغون” و”لورنس ليفرمور”) مع سرعة وكفاءة شركات القطاع الخاص (مثل إنفيديا)، مما يسرع نقل الابتكار من المختبر إلى السوق بعيداً عن البيروقراطية الحكومية.

الأهداف الأميركية من وراء المهمة

من جانبه، أوضح المطور التقني يوسف مراد لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق هدف مزدوج:

  • أولاً: قطع الطريق على الصين ومنعها من الوصول للنضج التكنولوجي الكامل.
  • ثانياً: تسويق النموذج التكنولوجي الأميركي للحلفاء في أوروبا وآسيا لربطهم بالبنية التحتية الأميركية.

وأضاف مراد أن التوجه نحو توحيد المعايير الفيدرالية ومحاربة تشتت تشريعات الولايات يهدف إلى خلق بيئة تنظيمية سريعة النمو تشبه النموذج الصيني، حيث ترى إدارة ترامب أن القيود المفرطة تخنق الابتكار وتدفع الشركات للهجرة.

واختتم مراد بالإشارة إلى أن “مهمة جينيسيس” تمثل آلية تنفيذية رسمية لبناء بنية تحتية تتجاوز قدرات السوق التجارية، تشمل حواسيب فائقة ومراكز بيانات عملاقة، لضمان السيادة العلمية والصناعية لأميركا.

Omar Al-Zoubi
Omar Al-Zoubi
عمر الزعبي صحفي ومحلل أخبار، يتمتع بخبرة تزيد عن عشر سنوات في العمل مع مؤسسات إعلامية بارزة داخل الأردن وخارجه. يقدم تحليلات معمقة وتقارير ميدانية وصحافة استقصائية تغطي الأخبار الأردنية والأحداث العالمية في مختلف المجالات، مما يعزز مكانة jodaily.com.
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة

احدث التعليقات