شهدت شبكة “ستارلينك” المملوكة لشركة “سبيس إكس” حادثة غير متوقعة، حيث تعرض أحد أقمارها الصناعية لخلل تقني أفقده القدرة على التحكم، مما وضعه في مسار انحداري نحو الغلاف الجوي للأرض.
تفاصيل الخلل الفني والتعاون مع ناسا
في بيان رسمي نُشر عبر منصة “إكس” يوم الخميس الموافق 18 ديسمبر 2025، كشفت الشركة أن القمر الصناعي الذي يحمل الرقم التعريفي 35956 قد واجه “خللاً” مفاجئاً بينما كان يحلق على ارتفاع 418 كيلومتراً (260 ميلاً)، مما أدى إلى فقدان الاتصال به كلياً.
وأوضحت البيانات الأولية أن المشكلة نجمت عن تسرب غير مسيطر عليه في خزان الدفع، مما أسفر عن انخفاض فوري في مدار القمر بمقدار 4 كيلومترات (2.5 ميل) تقريباً، وتناثر عدد محدود من الحطام الصغير الذي يمكن رصده.
ويرجح الخبراء، بناءً على الوصف التقني، أن خزان الوقود قد تعرض لتمزق أو ضرر هيكلي جسيم. واستجابةً لهذا الموقف، بدأت “سبيس إكس” تنسيقاً فورياً ومكثفاً مع وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” والقوة الفضائية الأمريكية لرصد وتتبع مسار الحطام الناتج.
تقييم المخاطر وسلامة محطة الفضاء الدولية
في محاولة لطمأنة الجمهور والمجتمع العلمي، أكد مسؤولو “ستارلينك” أن الحادث لا يشكل تهديداً كبيراً. فرغم أن القمر يدور حالياً بشكل غير منتظم، إلا أنه لا يزال “سليماً إلى حد كبير”. ومن المرجح أن يدخل الغلاف الجوي للأرض في غضون الأسابيع المقبلة، حيث سيحترق ويتلاشى تماماً بفعل الاحتكاك.
وفيما يتعلق بسلامة الرواد في الفضاء، شدد البيان على أن المسار الحالي للقمر المتضرر يقع أدنى من المدار المخصص لمحطة الفضاء الدولية، مما يؤكد “عدم وجود أي خطر” يهدد المحطة أو طاقمها.
التزام الشركة وتحديثات الأسطول
جددت الشركة تأكيدها على أولوية الأمان في عملياتها، وصرحت قائلة: “بصفتنا أكبر مشغل لكوكبة أقمار صناعية في العالم، نحن ملتزمون بعمق بسلامة الفضاء. نأخذ مثل هذه الأحداث على محمل الجد”. وأشارت إلى أن الفرق الهندسية تعكف حالياً على تحليل السبب الجذري للعطل، وقد باشرت بالفعل إرسال تحديثات برمجية لباقي الأسطول لتعزيز إجراءات الحماية ومنع تكرار مثل هذه الحوادث.
هيمنة “ستارلينك” وتحديات الازدحام الفضائي
يأتي هذا العطل في ذروة التوسع الهائل لشبكة “ستارلينك”، التي تدير حالياً ما يقرب من 9300 قمر صناعي نشط، مستحوذة بذلك على نحو 65% من إجمالي الأقمار العاملة حول الأرض. وقد شهد هذا العام وحده نشاطاً مكثفاً، حيث نفذت “سبيس إكس” 122 عملية إطلاق مخصصة لستارلينك، مضيفة أكثر من 3000 قمر جديد إلى المدار الأرضي المنخفض.
تعتمد الشركة استراتيجية لإدارة دورة حياة أقمارها التي صممت لتعمل لمدة خمس سنوات، حيث يتم إخراجها من المدار بشكل متعمد قبل انتهاء صلاحيتها. كما طورت أنظمة متطورة لتفادي التصادمات، إذ نفذت الشبكة حوالي 145 ألف مناورة آلية لتجنب الارتطام خلال النصف الأول من عام 2025.
ورغم هذه الإجراءات، تبرز المخاطر المتزايدة في الفضاء المزدحم. فقبل أيام قليلة، وتحديداً في 12 ديسمبر، أشار مايكل نيكولز، نائب رئيس هندسة “ستارلينك”، إلى حادثة اقتراب خطير بين قمر تابع للشبكة وآخر صيني، موضحاً أن معظم التهديدات في الفضاء ناتجة عن “عدم التنسيق بين مشغلي الأقمار الصناعية”.
